«وشفاء المكفوفين الذين فقدوا بصرهم منذ الولادة» ، و «المرضى الذين يستحيل علاجهم» وما شابه ذلك ، وكذلك المعاجز التي جاء بها الأنبياء العظام إبراهيم ، وصالح ، ويوسف ، وسليمان ، وداود ، والتي ورد ذكرها جميعاً في القرآن ـ ثم لا يأتي بنفسه بمعجزة حسية؟! كيف يمكن له أن يقنع الناس بأنّ جميع الأنبياء كانوا يمتلكون معاجز حسية وهو لايمتلك شيئا منها في حين أنّ نبوّته أفضل النبوّات ، ودينه أفضل الأديان؟ إنّ كل هذه القرائن ـ مضافاً إلى الآية السابقة ـ تدل على أنّه كانت له صلىاللهعليهوآله معجزات اخرى.
* * *
بالإضافة إلى الآية السابقة فهناك آيات كثيرة اخرى بصدد بيان مسألة معاجز نبي الإسلام ، وقد وردت عن ائمة الدين روايات في تفسيرها وذكر سبب وتاريخ نزولها ، إنّ معاجز نبيّ الإسلام لا تعدّ ولا تحصى ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نلاحظ نماذج منها :
١ ـ نطالع في قوله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِى اسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ الَى المَسْجِدِ الاقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا انَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). (الاسراء / ١)
لا شك أنّ الذهاب من «المسجد الحرام» إلى «المسجد الاقصى» ، وأكثر من ذلك الصعود إلى السماوات ، خاصة في الظروف الموضوعية لذلك الزمان ، كان أمراً خارقاً للعادة ، بيدَ أنّه ما لم يشاهد الناس هذا المشهد لايمكن أن تكون له صبغة إعجازية ولا يمكن أن يقع في طريق إثبات دعوى النبي صلىاللهعليهوآله ، إلّاأنّ الروايات الإسلامية تدل على أنّ الناس اطلعوا على هذه القضية عن طريق الأخبار التي ألقاها النبي على القافلة أو القوافل التي كانت تشق طريقها بين مكة والشام (١).
٢ ـ جاء في ذيل قوله تعالى : (انّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئينَ). (الحجر / ٩٥)
__________________
(١) جاء في إثبات الهداة ، ج ١ ، ص ٢٤٧ ، عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أخبر عن رؤية قافلة أبي سفيان ومرورها ببئر قبيلة فلان بحثاً عن ناقة لهم ذات وبر أحمر ، كما وصف سوق الشام الذي لم يره قط (تفسير مجمع البيان ج ١ ، ص ٣٩٥ ؛ وسيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ٤٣ ـ ٤٤).