مايقوي من عزم الحاكم أو القاضي بأنّ يتابع القضية بأناة وما أكثر ماتنتهي متابعته إلى إقرار الطرف المقابل أيضاً.
بل ويمكن القول : إنّ (الاقرار) هو دليل ظني ـ لأنّه لوحظ كثيراً أنَّ البعض ومن أجل الهروب من قبضة العدالة أعطوا أموالاً طائلة لشخص آخر حتى يعترف بعد طمأنته بأنّهم سيخلصونه في النهاية ، وكذلك (شهادة الشهود) هي دليل ظني أيضاً ، لأنّ احتمالها للخطأ أو التواطؤ ليست مستحيلة (لا شك أنّ شهادة الشهود والاعتراف مقبولة ، وأنّ المقصود هو أنّها دلائل ظنية مقبولة في نهاية الأمر ، في حين أن تجميع القرائن يمكن قبولها عند وصولهامرحلة القطع واليقين).
وتلاحظ في الأحكام الإسلامية أيضاً نماذج واضحة لهذه المسألة ، وأحياناً تمّ إثباتها حتى بواسطة قرينة حكم واحدة مثل حكاية اختلاف (العبد) و (السيد) في عصر أمير المؤمنين عليهالسلام عندما أمر عليهالسلام (صورياً) بضرب عنق العبد منهما إذ سحب أحدهما رأسه ليثبت على نفسه أنّه العبد.
أو كقصة اختلاف تينك المرأتين على وليدٍ ، وأمره عليهالسلام ـ صورياً ـ بقطع ذلك الوليد نصفين ، عندئذٍ تنازلت الام الحقيقية لذلك الطفل عن حقها فكان موقفها ذاك دليلاً على صدق دعواها ، وأمثال ذلك.
على أيّة حال إنّ الاستفادة من هذه الطريقة للوصول إلى نتائج قطعية ليس في المسائل القضائية وحسب ، بل وفي الكثير من العلوم ، وكذلك القضايا الاجتماعية والسياسية المختلفة هو أمر معتاد وبنّاء ، ويمكننا أيضاً الاستفادة منه في مسألة إثبات نبوة الأنبياء وأحياناً يكون تأثيره في ايجاد اليقين والاطمئنان أكثر من تأثير المعجزات العادية.
بهذه الإشارة نعود إلى الآيات القرآنية لنرى مالها من بيان حول هذا الدليل ـ بشكله الكلي ، ثم نتجه نحو حياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله لنجمع القرائن المختلفة عن حياته ونضعها إلى جانب بعضها البعض حتى يحكم القراء عليها بأنفسهم.
* * *