في القسم الأول وفي آيات متعددة من القرآن تلاحظ إشارات حافلة بالمعاني حول هذا الدليل ، ومن جملتها :
الآيات التي تعبر عن وجود نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله بأنّه (شاهد) و (سراج منير) و (برهان) و (شمس).
فنقرأ في قوله تعالى :
(يَاايُّهَا النَّبِىُّ انَّا ارْسَلْنَاكَ شَاهِدَاً وَمُبَشِّراً وَنَذيراً* وَدَاعِياً الى الله بِاذنِهِ وَسِراجاً مُّنِيراً). (الأحزاب / ٤٥ ـ ٤٦)
في هاتين الآيتين يقدم القرآن الكريم نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله على أنّه (شاهد) ، فقد ورد في أحد التفاسير أنّه شاهد على أحقيته ، لأنّ صفاته وأخلاقه ، وخططه البناءة ، وسوابقه الساطعة ، وأعماله ، تشهد على حقانية دينه وصدق دعوته ، هذا من جهة (١).
ومن جهة اخرى يعرّفه بعنوان (سراج منير) ، واننا نعرف أنّ السراج هو دليل على نفسه ولا يحتاج لدالٍ عليه ، أو كالقول المعروف (طلوع الشمس دليل على الشمس).
وتعبير (برهان) الذي جاء في قوله تعالى : (يَاايُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرهَانٌ مِّنْ رَبِّكُم وَانْزَلْنَا اليكُم نُوراً مُّبِيناً). (النساء / ١٧٤)
هو إشارة اخرى لتلك الحقيقة ، لأنّ (برهان) مشتقة من مادة (بَره) على وزن (فرح) وتعني الإبيضاض ، ولأنّ الاستدلالات الواضحة تنير وجه الحق وتُبيِّضه ، لذا أطلق عليها برهان.
ويعتقد جمع من المفسرين أنّ المقصود من البرهان في هذه الآية هو ذات الرسول صلىاللهعليهوآله (٢) ، والمقصود من النور هو القرآن المجيد.
وبناءً على ذلك فإنّ شخص الرسول صلىاللهعليهوآله جرى تعريفه بعنوان (برهان) ، وذلك بسبب توفّر آثار وقرائن في وجوده تنبيء بأحقيته فضلاً عن معجزاته.
__________________
(١) في تفسير آخر للآية المذكورة اعتبر النبي صلىاللهعليهوآله كشاهد على الأنبياء قبله. أو شاهد على أعمال امته يوم القيامة. في حين لا يوجد أي تنافض أو تعارض بين هذه التفاسير الثلاثة ويمكن جمعها في معنى الآية.
(٢) من الذين قبلوا هذا المعنى أو نقلوه باعتباره تفسيراً : المرحوم الطبرسي في مجمع البيان ، والعلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان ؛ والمراغي ؛ والقرطبي في تفسيرهما (ذيل الآية مورد البحث).