ومع عدم ذكر اسم النبي صلىاللهعليهوآله في هذه الآية صراحة ولكن الأوصاف التي ذكرتها ترمي بوضوح إلى أنّ المقصود هو نفسه.
فكيف يمكن القبول بأنّ القرآن يتحدث مع اليهود والنصارى بهذه الصراحة ، ويخبرهم بوجود دلائل وعلامات النبي صلىاللهعليهوآله في كتبهم ولكن هذه المسألة لا تطابق الحقيقة وأنّهم يسكتون؟ ويقينا إذا لم تكن هذه الإشارات والعلامات موجودة في كتبهم فإنّهم سيتخذونها حجة وذريعة مهمة ضد النبي صلىاللهعليهوآله ، ولصرّحوا بها في كل مكان ، وإذا كان ذلك قد حصل لنقله التاريخ لنا.
وبناءً على هذا فعلى الأقل أنّ سكوتهم يعتبر دليلاً ساطعاً على وجود هذه القرائن والأوصاف في كتبهم ، وعلاوة على ذلك على حد قول الفخر الرازي : إذا لم تكن لهذا الأمر حقيقة واقعية لكان موجباًلنفرة اليهود والنصارى من الإسلام ، والشخص العاقل لا يقدم مطلقا على ما يوجب تنفر الناس (خاصةً في مجال الدعوة) (١) ، وكما سيمر علينا لاحقاً فإنّ قسماً من هذه الدلائل والإشارات موجودٌ حتى في كتبهم المحرّفة الحالية.
والملفت للنظر هو أنّ القرآن لايقول : (يجدون علائمه ودلائله) ، بل يقول : (يجدونه) ، أي يجدون نفس ذلك النبي صلىاللهعليهوآله في التوراة والانجيل ، وهذا التعبير الذي يعني حضور النبي صلىاللهعليهوآله في كتبهم هو تأكيد على منتهى وضوح هذا الأمر.
وفي البعض من الروايات الإسلامية جاء في ذيل الآية : إنّ بعض المسلمين سألوا شخصين من المطلعين على التوراة كلاً على حدة وأنّهما ذكرا أوصاف النبي صلىاللهعليهوآله بدقة متطابقة (٢).
* * *
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ١٥ ، ص ٢٣.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٤ ص ٢٧٣٥ (الملخّص).