فصٌ ويوضع في الأصابع) وأن هذا التعبير غير لائق تماماً أن يقال : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله هو خاتم أصابع النبيين ، ثم إنّنا قلنا : إنّ المعنى الأصلي ل (خاتم) لم يكن أبداً (خاتم الاصبع) وإنّما الختم الذي يختمون به عند الانتهاء من الرسائل أو البرامج أو الكتب. وانطلاقاً من أن وضع الختم يكون في (الختام) والنهاية. فإنّ اسم (خاتم) يطلق على الواسطة التي تختم بها الرسالة. (لاحظوا أنّ كلمة «خاتم» بفتح التاء معناها «مايختم به» أي الشيء الذي يختمون به).
وما يثير الاهتمام هو أنّ الختم الأصلي للأشخاص في عصر نزول القرآن والقرون التالية له ، كان على الخواتيم التي يحملونها على أصابعهم وبواسطتها كانوا يختمون رسائلهم ، ولهذا السبب جاء في سيرة النبي صلىاللهعليهوآله «أنّ خاتم رسول الله كان من فضة نقشه محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله» (١).
وجاء في بعض التواريخ أنّ من جملة وقائع السنة السادسة للهجرة أنّهم «عرضوا على النبي صلىاللهعليهوآله بأنّك تراسل زعماء البلدان والملوك وأنّهم لا يقرأون الرسائل التي لاختم عليها. لهذا السبب اختار النبي صلىاللهعليهوآله خاتماً لاصبعه حتى يختم به الرسائل» (٢).
وجاء في كتاب (الطبقات الكبرى) أيضاً أنّ النبي صلىاللهعليهوآله عندما قرر أن ينشر دعوته ويكاتب الملوك والسلاطين في العالم أمر فصنعوا له خاتماً كتب عليه (محمد رسول الله) وكان يختم به رسائله (٣).
بهذا البيان يتضح أنّ كلمة (خاتم) وإن كانت تطلق على خواتيم الزينة أيضاً ولكن في زمان نزول القرآن وما بعده كان يطلق على الخواتيم التي يختمون بها رسائلهم أو يختمون بها على محل ربط الرسائل بعد طيها واغلاقها.
والنقطة الملفتة للنظر هي أنّ نفس المعنى استخدم في آيات متعددة من القرآن الكريم،
__________________
(١) سنن البيهقي ، ج ١٠ ، ص ١٢٨ ؛ وفروع الكافي : ج ٦ ، ص ٤٧٣ ـ باب نقش الخواتيم ، ح ١ ، (كان نقش خاتم النبي محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله).
(٢) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٣٧٦.
(٣) الطبقات الكبرى ، ج ١ ، ص ٢٥٨.