في الآية الثانية يقلص القرآن تحديه عن الاتيان بمثله ، ويطلب من الخصم أن يأتي بعشر سور وهو أقل من عشر كل القرآن قائلاً : (أَمْ يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُلْ فَأْتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثلِهِ مُفَتَرَياتٍ) ولم يكتف بهذا بل صرح : (وادعُوا مَنِ استَطَعُتم مِّن دُونِ الله ان كُنُتم صَادِقِينَ).
* * *
وفي الآية الثالثة نرى أنّ التحدي القرآنى يصل إلى أقل من ١% قائلاً : (وَان كُنتُمْ فِى رَيبٍ مِّمَا نَزَّلنَا عَلَى عَبدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثلِهِ) ثم أضاف : (وَادعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
فمن الواضح أنّ المراد من : (شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ الله) أنصارهم وكل من اعتقد اعتقادهم لأنهم هم الذين شهدوا لصالحهم في رد وتكذيب رسالة النبي صلىاللهعليهوآله. ومن الطبيعي أن يتعاونوا فيما بينهم ليأتوا بسورة واحدة مماثلة لسورة من القرآن وإلّا لو كان المراد من (شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ الله) الإتيان بسورة تماثل سورة من القرآن لكان من المفروض مطالبة الله بالشهادة قبل أي شخص آخر ، ولذا فإنّ أول تفسير للآية نقله المرحوم الطبرسي في مجمع البيان عن ابن عباس هو : المراد منها الأعوان والأنصار ، وأضاف : إنّه يطلق على الأعوان والأنصار : شهداء ، لحضورهم وشهودهم حين التعاون.
وقدر رجح الفخر الرازي في تفسيره بعد ذكر معنيين للفظ الشهداء (أي : الأصنام ، والأعوان ، والأنصار) المعنى الثاني (١). وارتضى بعض المفسرين هذا المعنى أيضاً.
والسورة : تمثل جزءاً من آيات القرآن ، تبدأ بـ «بسم الله ...».
وتختم قبل مجىء «بسم الله» جديدة في السورة التي تليها ، ماعدا سورة واحدة وهي سورة التوبة أو سورة براءة.
وقيل : إنّ كلمة سورة مأخوذة من «سُور» وهو الجدار المحيط بالمدن ، فكأنّما أعتُبرَ
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢ ، ص ١١٩.