أشعار الجاهلية أوج فصاحتها ، وكان أحد أهم برامجهم هو قراءة أجمل قصائد تلك السنة خلال التجمع الاقتصادي الذي يعقد في (سوق عكاظ) بالقرب من الطائف في كل عام.
وعندما يقع اختيارهم على أفضل هذه القصائد يعلقونها على جدار الكعبة بصفتها أثراً أدبياً قيّماً ، ومع مرور السنين علقت سبع قصائد عرفت فيما بعد باسم (المعلقات السبع).
وعلى هذا الأساس إذا أراد القرآن أن يدعوهم إلى التحدي والمعارضة فيلزم أن يكون في هذا المجال.
٢ ـ ولعل الاتهام الذي كان يوجهه المشركون العرب إلى القرآن بكونه سحراً وإلى النبي بكونه ساحراً يعود إلى التأثير السحري للقرآن ، حيث اشتمل ، على روعة الكلام والفصاحة.
٣ ـ نقرأ في الحديث الوارد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام في صدد انسجام معجزات الأنبياء مع العلوم والفنون المتطورة في أعصارهم : «إنّ الله تعالى لما بعث موسى عليهالسلام كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن في وسعهم مثله وما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة عليهم وأنّ الله تعالى بعث عيسى عليهالسلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات (الآفات) واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيى لهم الموتى وأبرء الأكمه والأبرص باذن الله ، وأثبت به الحجّة عليهم وأنّ الله تبارك وتعالى بعث محمداً صلىاللهعليهوآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام (وأظنه قال : الشعر) فأتاهم من الله عزوجل بخطبه ومواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم» (١).
إنَّ جميع هذه القرائن تدل على أنّ الاعجاز القرآني كان ولا يزال متكئاً على جانب الفصاحة والبلاغة إلّاأنّ واقع الأمر هو أنّ الاعجاز في الفصاحة والبلاغة كان مورد اهتمام عميق وإن لم ينحصر به. خصوصاً أنّ الجوانب الاخرى من الاعجاز القرآني واضحة جلية.
__________________
(١) عيون اخبار الرضا ، (وفق نقل تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٤٣) ونقله أيضاً الكليني في الكافي والعلامة المجلسي في بحار الأنوار.