الأبرار .. وعباد الله :
ثم إنه تعالى قد عبر أولا بالأبرار ، ثم ساق الحديث باتجاه عباد الله ، فقال : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) ..
وربما يكون ذلك ـ وحده ـ مبررا للاعتقاد بأن المراد بالأبرار في الآية ، موجودات عالية جدا ، تجلت بهم صفات البر بصورة حقيقية وتامة ، فاستحقوا هذا المقام المحمود .. وهم خصوص أهل البيت [عليهمالسلام] الذين لا بد أن يكونوا الأسوة والقدوة للناس جميعا.
والحقيقة هي : أن أبرارية أولئك الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم ، كانت هي الطريق الذي أوصلهم إلى درجة العبودية الحقيقية ، التي هي أسمى مقام ، وأشرف وسام .. كما أشرنا إليه أكثر من مرة ..
فالعبودية بالمعنى الأتم ، قد تجلت في النبي الأكرم [صلىاللهعليهوآله] ، في أهل بيته الأبرار الأطهار عليهم الصلاة والسّلام ..
وهذا يعطينا : أن الآية لا تريد فقط أن تحدد الأسوة والقدوة للناس .. وإنما تريد أن تقول أيضا : إن الأبرارية قد أوصلت الأبرار إلى مقام العبودية ..
وأخيرا نقول :
إنه تعالى قد تحدث عن فعل الأبرار بصيغ تناسب الحياة الأخروية. فقال سبحانه : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً* عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً ..) وذلك لكي يجسد لنا مدى فاعلية وتأثير تلك الصفات ، ومدى أهميتها ، وحسنها ، وخلوصها .. ليدفعنا إلى سلوك طريقهم ، والالتزام بنهجهم ، والاهتداء بهديهم ، والاقتداء بهم ..