الذين عبدوا الله خوفا :
والخوف من عقاب الآخرة ، والامتناع عن المآثم ، والمبادرة لفعل الواجبات مطلوب ومحبوب لله تعالى ..
ولكن قد يتخيل : أن أمير المؤمنين [عليهالسلام] لم يلتزم بذلك ، حيث ورد عنه أنه قد ذم العبادة التي تأتي بداعي الخوف والرهبة ، حيث ذكر أن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد (١) .. وقال [عليهالسلام] : إلهي ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنتك ، ولكني وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (٢).
ولكن الحقيقة هي : أن الخوف الذي نفاه الإمام علي [عليهالسلام] عن نفسه ، دون أن يسجل ذما صريحا له ، هو الخوف من العقوبة ومواجهة الآلام ، بحيث يكون ذلك منشأ وأساسا ، وباعثا على العبادة ..
أما الخوف الذي يدعو إلى التحرز ، وإلى الهيمنة على النفس ، ورصد حركاتها ، فإنه قد يكون أيضا داعيا إلى العبادة .. وقد يكون الداعي لها هو أنه قد وجد الله سبحانه للعبادة أهلا ..
فعبادة الله لأنه أهل لها : شيء ، والتحرز من تسويلات وتزيينات النفس الأمارة ، والاحتياط لها ، شيء آخر ، فهما أمران يجتمعان ولا يتنافران ، كما هو واضح لا يخفى.
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٤ ص ٥٣ ، الكافي ج ٢ ص ٨٤ ، وعلل الشرائع ج ١ ص ١٢ ، والخصال ص ١٨٨ ، وسائل الشيعة ج ١ ص ٦٣ ط مؤسسة آل البيت.
(٢) بحار الأنوار ج ٤١ ص ١٤ وج ٦٧ ص ١٨٦.