يختار والدته الصالحة من أفضل الأصول ، وأطهرها ، ويرشده أيضا إلى كل ما يسهم في إبعاد الأبوين عن كل ما من شأنه أن يلحق أي ضرر في النطفة في ابتداء تكوينه .. ويبين له حتى حالات المقاربة الصحيحة ، التي تنتهي بزرع نطفته في رحم أمه ، حيث يحرص على منع أبويه مما له أدنى تأثير على روحه ، ونفسه وجسده ، حتى في احتمالاته البعيدة ..
فراجع آداب العلاقة بين الزوجين في توجيهات النبي [صلىاللهعليهوآله] والأئمة [عليهمالسلام] ، حتى قبل أن تتكون نطفته ، وبعد تكوينها ، ثم صيرورته علقة ، ثم مضغة ، إلى آخر مسيرته في عالم الجنينية ، ثم ولادته ، وتربيته ، ورعايته التامة إلى أن يموت ..
إنه في هذه المراحل كلها موضع رعاية الله سبحانه وعنايته ، وهو مذكور عنده ، ويفهمه أن بناء الكون ، وتسييره وتدبيره ، يجري وفق الضوابط التي تهيء أفضل المناخات ، لإيصاله إلى درجات الفوز والسعادة ..
وذلك يعرفنا بعمق معنى قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً).
عَلَى الْإِنْسانِ :
والتعبير بكلمة : (عَلَى) يشير إلى أن الزمان شيء عارض على الذات الإنسانية ، وأن له ملابسة لهذه الذات ، متصرم عنها ..
ولكن ، هل يريد ـ فقط ـ أن يفهمنا مجرد ملابسة الزمن للموجودات المادية ، وعروضه لها ، وارتباطها به؟! أم أن هناك حقيقة أهم وأعظم ، يريد لفت النظر إليها؟! ..
الحق هو هذا الأخير ، فإنه جعل محور الكلام هو الإنسان المستمر