و (نَبْتَلِيهِ) و (هَدَيْناهُ) فهذه الغيبة في مقام الذكر والخطاب ، قد توحي للإنسان الغافل بتوافق الخصوصية اللفظية ، وهي الغيبة عن مقام الخطاب والذكر ، مع الخصوصية الخارجية ، وهي الغيبة في الواقع.
فاذا جاء التعبير بكلمة «مر» ، فقد يتأكد هذا الإيحاء الذي ظهر في الأمرين السابقين أيضا لدى الإنسان الغافل ، الذي قد ينساق مع هذا التخيل ليفهم الكلام على أنه حديث عن مخلوق سابق ..
أما كلمة (أَتى) ، فقد أزالت كل شبهة في ذلك ، وأفهمت : أن موضوع الحديث هو طبيعي هذا الموجود في كل زمان. وليس الحديث عن إنسان مضى ..
ثالثا : ولنفرض أن المراد الحديث عن فترة ما قبل خلق الإنسان .. فذلك لا يفرض أن يكون المراد ب (هَلْ) هو الإثبات .. أو التقرير الذي جوابه الإثبات .. إذ إنه حتى قبل أن يوجد الإنسان ، فإنه كان مذكورا عند الله مذ كان في علمه تعالى. فكل هذا الوجود ، بما فيه ، قد خلق من أجله ، وليكون في خدمته ..
وقد خلق الله روح النبي [صلىاللهعليهوآله] ، وأرواح أهل بيته [عليهمالسلام] ، وجعلهم بعرشه محدقين ، وأشهدهم خلق كل شيء .. ثم أرسل الأنبياء من لدن آدم [عليهالسلام] وإلى الخاتم [صلىاللهعليهوآله] من أجل هذا الإنسان ، وليكونوا له نموذجا وقادة ، وهداة ، وأسوة ، وقدوة ، وأنزل الكتب السماوية ، وفرض تعلم العلم ، وأوجب تعليمه ، ليكون ذلك للبشر منار هداية ، وسبيل نجاة ..
ثم إنه حين يقترب وقت إفاضة الوجود الفعلي على الإنسان ، ليكون حيا ، مدركا ، فاعلا ، مختارا ، فإنك تجد أوامر الله تلاحقه ، وترشده إلى أن