الآخرة ، بما في ذلك آثارها على النفس والروح ، والقلب ، والفكر ، والحياة كلها ، وقد أشارت الروايات إلى أن بعض المعاصي يوجب القسوة في القلب ، وبعضها يوجب الزيغ ، وبعضها يوجب ذهاب حب أهل البيت [عليهمالسلام] .. وغير ذلك.
والتكليف الإلهي أيضا هداية ونعمة ، ولكنه في نفس الوقت ابتلاء له أثره في تكامل الإنسان .. وفي ترشيد وتوجيه طموحه ، وهو حركة ، وغنى ، ونماء ، وصفاء ، إذ ليس الإنسان بمثابة لوحة فنية معلقة على جدار .. بل هو مخلوق له .. قلب ، وحياة ، وإرادة واختيار ، وهي معه تعمل وتؤثر حتى آخر لحظة من حياته .. وكم رأينا من إنسان ينحرف بعد عشرات السنين من الاستقامة ، أو يستقيم ويهتدي بعد عشرات السنين من الانحراف ، وكلاهما بقرار واختيار.
«فجعلناه» :
إن هناك فرقا بين كلمة : «جعل» ، وكلمة : «خلق» ، إذ إننا إذا تتبعنا الآيات القرآنية ، فسنرى : أن كلمة «خلق» مثلا ترد أحيانا على نفس الشيء مباشرة ، فيقال : خلق السماء ، وخلق الأرض مثلا .. ثم إنه وبعد ورود الخلق عليه يصبح محورا لأمور أخرى ، تضاف إليه ، أو تنشأ منه ، أو تحل فيه وتطرأ عليه ، وترد أحيانا أخرى لبيان عروض الهيئات والحالات على الأمر الموجود ..
أما كلمة «جعل» فتتعلق أولا بالأمر الطارئ على أمر آخر ، كالسميعية والبصيرية الطارئة على الإنسان ، بعد أن تفرضه كمحور ثابت ومرتكز. فكلمة «جعل» تضيف إلى هذا المرتكز أمرا آخر ، أو تحوله من حالة إلى حالة أخرى ، أو توجد فيه حالة ما ، أو نحو ذلك ..