أما النقود .. فإن مغرياتها تبقى محدودة في حدود قيمتها الكامنة فيها ، وفي مستوى القدرة الشرائية لها ، لا أزيد ..
وهذا الذي ذكرناه : يبين كيف أن إعطائهم الجامع لهذه الخصوصيات ، وفي هذا الوقت ، ولخصوص الطعام .. يجعلنا نتلمس حقيقة هؤلاء الصفوة من الخلق صلوات الله عليهم ..
ج : «يطعمون» .. بصيغة المضارع :
صحيح : أن كلمة «يطعمون» تفيد أن الجميع ـ حتى الحسنين عليهماالسلام ، رغم صغر سنهما ـ قد مارس هذا الإطعام بكل شؤونه وحالاته ، ولكن التعبير بصيغة المضارع ، حيث قال : «يطعمون» ، لا بصيغة الماضي ، فلم يقل : «أطعموا» .. إنما جاء ليفهمنا : أن هذا الإطعام يستمر ، ويتجدد بإرادة ، والتفات ، واختيار ، ومبادرة منهم ..
وهذا الاستمرار الذي شهدت له الحادثة المشار إليها نفسها أيضا يعطي : أن هذا الإطعام ، هو سجية لهم ، وطبيعة فيهم ، وليست القضية مجرد حدث عابر قد انته وانقضى ، وقد يكون مجرد أريحية اهتزت ، أو مؤثرات توفرت ، فأنتجت هذا الحدث ، بهذه الميزات ، وبتلك المواصفات ، حيث صادف كونهم صائمين ، وصادف أيضا أنه حصل ثلاث ليال متوالية ، وبهذه الطريقة ..
إن هذا الاستعداد ، وهذه السجية المؤثرة. وهذا الاستمرار في العطاء ، في كل وقت وكل حين ، وتجدد العطاء بإرادات مؤثرة وفعلية ، وإمكانية المشاهدة له ـ إن كل ذلك ـ هو من خصوصياتهم الفريدة ، وخصالهم الحميدة.