كما أن الابتلاء قد رتب على الأمشاجية ، لتكون هي مقدمة له ، فلا بد أن تكون هذه النطفة ، بملاحظة أمشاجيتها ، لها قابلية الابتلاء والاختبار المباشر ، بحيث يكون هذا الابتلاء ناشئا من واقع تلك النطفة المختلطة ، وهو الذي نشأ عنه كون الإنسان سميعا بصيرا ، ثم يكون أهلا لأن يهديه الله السبيل ، إما شاكرا وإما كفورا ..
وواضح : أن ذلك لا يتحقق من مجرد اختلاط نطفة الرجل ببويضة المرأة .. فإن هذا النوع من التلقيح لا ينحصر بالإنسان .. بل هو أمشاجية تفترق عن أمشاجية النطفة الحيوانية ، في أن ذات النطفة تحمل في داخلها مزايا ، وكمالات ، وخصائص ، وصفات إنسانية بالقوة. وقد اختلط بعضها ببعض أكثر من مرة سواء كانت الاختلاطات عرضية للعديد من الخصائص الموجودة في النطفة ، أم طولية في نطاق تحولاتها إلى علقة حاوية لتلك الخصائص ، ثم إلى مضغة إلخ ..
فإن هذه الاختلاطات لتلك العناصر الخاصة بالتكوين الإنساني عرضا وطولا تؤثر جميعها في جعل الإنسان صالحا لأن يكون موردا للاختبارات ، ثم أن يجعله الله مختارا ، يستجيب لتلك الاختبارات من موقع اختياره ، ثم تكون نتيجة ذلك هي أن يصبح هذا الإنسان شديد السمع ، حديد البصر جدا (نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ..)
لا بد من إجابة :
وتبقى أسئلة في الآية المباركة تحتاج إلى إجابة ، مثل السؤال عن السبب في أنه تعالى لم يقل : سامعا مبصرا ، بل قال : (سَمِيعاً بَصِيراً؟! ..)
والسؤال عن سبب تقديم السمع على البصر؟! ..
ولماذا فرعهما على الابتلاء؟! ..