تعالى وعلى غيره ..
غير أن الله تعالى يتصرف في الكيفية من خلال اقتضاء التصرف في المادة له. فخالقية الله أعمق من خالقية غيره ، لأنه تعالى يتصرف في الذات والحقيقة بنحو يقتضي التبدل في الكيفيات ، وأما غيره فلا قدرة له إلا على التصرف في الهيئات.
«الإنسان» :
وقد اتضح مما تقدم ، السبب في أنه تعالى لم يقل : إنا خلقناه ليكون بذلك قد أشار إلى الإنسان الذي تقدم ذكره بضميره العائد إليه ، بل عاد فصرح بكلمة : «الإنسان» فإن ذلك إنما هو لاختلاف الجهة التي يريد التركيز عليها في الموردين.
حيث إنه مرة يتحدث عن الإنسان بالحمل الأولي ، الذاتي ، أي عن حقيقته وذاته ، فيثبت أن هذا الإنسان ما زال في رعاية الله في كل آن وحين ، بغض النظر عن خصوصيات أفراده ، وعن كيفية النشوء والتدرج في الخلق لهم ..
ومرة يتحدث عن الإنسان بالحمل الشائع ، أي بما هو حاك عن أفراده ، بما لهم من نشوء وتكوين مادي ، وبما هم لحم ، ودم ، وعظام ، وشكل وروح ونفس ، ومشاعر ، وأحاسيس ، وقوى ، وملكات ، وهذا المعنى هو الذي أريد الحديث عنه في هذه الآية الثانية ..
ولكنه حديث عن خصوص التنشئة الإلهية التي تسبق اختيار الإنسان ، وتحلّيه بصفات الشعور الإنساني ، ووصوله إلى مرتبة الشاكر والكفور ..