وتارة يتعلق الخلق بالهيئة فقط ، كما في قوله : (أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ..) (١) وكذا الآيات التي أشارت إلى تطورات الخلق في مراحله كقوله تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) (٢) ونحوها. حيث تظهر أن الخلق قد أتى بصورة تدريجية ، وفقا لما تفرضه الحكمة في التطوير المناسب لحاله ، واستعدادته التي تتنامى ، فتحتاج إلى الصور التي تناسبها في كل حال من تلك الأحوال ..
وقد ألمحت آية أخرى إلى أن التخليق هو إيجاد هذه الأشكال والهيئات ، وذلك في قوله تعالى : (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ) (٣).
ثم اعتبر تعالى نفخ الروح في الإنسان إنشاء لخلق آخر فقال في آية أخرى : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٤).
وحين يتعلق الخلق بالهيئات ، فإن ذلك لا ينحصر بالله سبحانه ، ولأجل ذلك نسب الله الخلق للنبي عيسى [عليهالسلام] في سورة آل عمران ، كما أنه تعالى في سورة المؤمنين بعد ذكر مراحل نشوء الإنسان ، قال : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (٥). في إشارة إلى أن الله هو أحسن المصورين ، الذين يتصدون لإعطاء الهيئات.
وفي هذا إشارة إلى أن الخلق بمعنى التصوير يصح إطلاقه على الله
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ٤٩.
(٢) سورة السجدة الآية ٧.
(٣) سورة الحج الآية ٥.
(٤) سورة المؤمنون الآية ١٤.
(٥) سورة المؤمنون الآية ١٤.