الكمال ، وينالون تلك النعم الباهرة ..
وهذا بالذات هو ما يبرر الاختصار هناك ، والتفصيل هنا ..
ثانيا : هناك أمر آخر يحسن الالتفات إليه ، وهو : أن الحديث عن الأبرار قد تضمّن أمورا تتناسب مع أنواع أفعالهم التي أنتجتها الهدايات الآنفة الذكر ، فاقرأ في السورة ما يشير إلى أفعالهم الجارية على مقتضيات الهداية الحسية ، أو التي ترضي الوجدان ، والتي يفرضها التشريع عليهم ، كالوفاء بالنذر ، بالإضافة إلى الهداية العقلية ، والوجدانية ، كما في إطعام الطعام على حبه ، وكلزوم الأمن والطمأنينة ، وما إلى ذلك ..
فإنك تجد في مقابلها نعيما يجانسها ، مثل النعيم الحسي ، كقوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) ، ونعيم الأمن ، كما في قوله تعالى : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) ..
ومن يقرأ سائر آيات السورة يجد صحة ما قلناه ..
لما ذا تحدث عن العقوبة أولا :
لما ذا قدم الكلام عن عقاب الكافرين ، مع أن التقسيم الذي سبقه قدّم فيه الشاكر بالذكر على الكفور؟!
فقد كان النظم يقتضي أن يتحدث أولا عن الأبرار ، ثم عن الكافرين ، ليتوافق مع التقسيم الوارد في البداية ..
الجواب :
وفي مقام الإجابة على هذه الأسئلة ، نقول :
إن السورة مسوقة لبيان النشأة الإنسانية ، المحفوفة بالهدايات ، والألطاف الإلهية ، التي رسمها الله تعالى لهذا الوجود كله لكي يصل إلى غاياته القصوى ، وإلى كماله الأتم ، وذلك من خلال تجليات أنوار النبي