واللافت : أن الإنسان إنما ينظر إلى إحدى مراتب وجوده ، والتي هي الحياة الدنيا ، وبها يشعر ، ولا يلتفت إلى امتدادات وجوده الإنساني ، التي قد تكون أهم ، وأثبت ، وأسمى ، وأرسخ ، ف (إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) وفيها يكشف الغطاء ، ويصبح البصر حديدا.
«شيئا» :
وقد كان يمكن أن يقول : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) ، ولكنه تعالى أراد بهذا الاستفهام التقريري أو الإنكاري ، أن يثبت الذكر للإنسان أو ينفيه عنه بما هو شيء. وشيئيته تساوق تشبثه بالوجود الخارجي ، في بعض أطواره ، وأدواره ..
وبذلك يكون الحديث عن شيء واقع .. وليس حديثا عن أمر افتراضي ، كالسالبة بانتفاء الموضوع التي لا فائدة منها ولا عائدة ، حسبما أسلفناه .. ولا هو حديث عن بعض مراتب الوجود التي لا ترتبط بشيئيته ولا بتحققه في الواقع الخارجي العيني .. بل تكون نسبتها إليه نسبة عرضية ، مجازية ، لا حقيقية .. كالوجود اللفظي ، والكتبي ، والذهني ، فإن ذكر الإنسان على هذا النحو في هذه الأدوار ، ليس ذكرا حقيقيا له ، وليس ذلك من الأمور التي يصح امتنان الله سبحانه بها عليه ، كما هو سياق الآيات الكريمة.
«مذكورا» :
هل المراد : بالذكر هو أن يخبر عنه ويذكره أمام الآخرين؟ ..
أو المراد : كونه ذا قيمة وله أهمية في نفسه؟ ..
أو المراد بذكره الاهتمام بشأنه .. بشكل دائم ومستمر؟!. بغض النظر عن كونه ذا قيمة في نفسه ، أو غير ذي قيمة!