ظاهر الآيات أن المراد هو الاهتمام بشأنه ورعايته ، بما يتناسب مع شأنه وحاله ، ومقامه ، ويتناسب مع شأن الذاكر ، من كيفيات الذكر ومفرداته ومستوياته .. لأن مجرد ذكر الإنسان في المحافل ، ليس مما يصح الامتنان به من رب العالمين ، ما لم يكن من الثناء الجميل المظهر لميزاته من حيث هو مؤمن .. كما ورد في الدعاء : «وكم من ثناء جميل لست أهلا له نشرته» .. إذ إن أهل السوء والانحراف ليس فيهم ما يصلح للثناء ..
كما أن كون هذا الشيء ذا قيمة ليس مما يمتن به ، إلا إذا كان له دور ووظيفة يؤديها ، فتتحدد قيمته وأهميته من خلال ذلك ، فإن الذهب مثلا ، إذا لم يكن له مورد يستفاد فيه منه ، فإنه لا ينفع ولا يجدي ، ولا يصح الامتنان بوجوده على أحد ..
فالامتنان من الله إنما يناسب حالة الاهتمام والاعتناء بشأنه ، ورفده بالعطايا والنعم التي يحتاجها.
ومجرد ذكر الشيء في المجالس ، لا يلازم الاهتمام ، والعناية والرعاية .. لأن الاهتمام قد يتعلق بفرضية لا وجود لها ، يراد لها أن تتحقق ، فيسعى الإنسان لتحديد حدودها ، والارتقاء بها بيانيا إلى حيث تصبح قابلة للتلمس لمجرد حب المعرفة ، والاكتشاف ، ولو لم يكن لها أية قيمة أو شأن يذكر عنده ..
وقد يهتم بشيء موجود ، لكنه غير واضح المعالم ، فيسعى لتحديد معالمه ، ومشخصاته ، ومعرفة مواصفاته ، لكي يخرجه من حالة الغموض ولأجل أن يحسن التحرز منه ، والتوقي من مخاطره ..
وكلا هذين الأمرين لا يصح نسبتهما في هذا المورد بالذات إلى الله سبحانه.