في أي مستوى كانت تلك الميزات. ومن دون أن يتوقف عند أي من مراتبها أو حالاتها ..
فهو بما أنه موجود إنساني ، مورد الاهتمام ، لا بما هو موجود مادي ، فخصائصه الإنسانية محل رعاية الله سبحانه .. فهو إذن مقصود ومرعي ، في أية حالة ، ومع كل مزية ، في حال فقده لها ، وفي حال حصوله عليها على حد سواء.
أما الإنسان في الآية التالية ، فيقصد به ذلك المعنى الأول ، أي من حيث هو بشر ، ولذلك أعاد التصريح بكلمة الْإِنْسانِ ، ولم يكتف بذكره بواسطة إرجاع ضميره إليه ..
الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ :
وقد قال تعالى في آية أخرى : (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (١) ولم يقل : نذيرا للإنسان ، لأنه لا يستحق وسام الاستحقاق الإنساني ما لم يستجب للنذير ، وللهداية الإلهية ، إذ بدون ذلك يكون كالأنعام ، بل أضل سبيلا ، إذ إن : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) (٢) ، أي لا يدركون بها المعاني الواقعية. ولا يتفاعلون معها بالمشاعر القلبية ، من خوف ورجاء ، ونحو ذلك.
و (لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها) (٣) لأن المطلوب هو النفوذ إلى الأسرار والحقائق ، لا النظرة المادية السطحية.
فهم إذن فاقدون لما يستحقون به وصف الإنسانية الذي أعلن عنه
__________________
(١) سورة المدثر الآية ٣٦.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٧٩.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٧٩.