حين يقرر أن الحسنة بسبع مئة ، وأن الله يضاعف لمن يشاء .. وأن ذلك يصير حقا لهم بعد تحقق الجعل ..
كما أنه قد يكون هناك تفضل زائد على أصل الجزاء ، بعد تقريره ، وجعله .. وهو ما أشار إليه تعالى بقوله : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (١) ..
التقوى .. حذر واستعداد :
وبمناسبة حديثنا عن الوقاية ، نشير إلى أن البعض قد يتخيل : أن التقوى معناها الخوف والفزع من الله تعالى ، فمعناها قريب من معنى الخشية ..
ولكن الظاهر هو أن التقوى مأخوذة من طلب الوقاية ، فهي أقرب إلى معنى الحذر الذي يدعو إلى التماس الحرز والواقي ..
بين صيغتين :
هذا .. وقد قال تعالى هنا : (فَوَقاهُمُ جَزاهُمْ) ، بصيغة الماضي .. وقال قبل ذلك : يشربون ، يطعمون ، نطعمكم ، يخافون ، بصيغة المضارع. وما ذلك .. إلا لأنه سبحانه حين استعمل صيغة المضارع ، أراد أن يبين : أن هذه سجية فيهم ، وأنه أمر مستمر ومتجدد ، لكنه حين استعمل صيغة الماضي ، فهو إنما كان يتحدث عن الجزاء ، فجاء بما يفيد التحقق والحصول والثبوت ، لأن من آثار ونتائج الأفعال ، دوامها وبقاؤها وثباتها.
«فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ» :
قال في مجمع البيان : «أصل الشر الظهور ، فهو ظهور الضرر ، ومنه
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٦١.