يمكن الاستدلال به على عصمتهم الشاملة ، خصوصا إذا انضم إلى سائر الأوصاف المذكورة قبله وبعده ، كقوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ..) وقوله : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ ..) لأن ذلك كله يدل على أنهم قد بلغوا في إنسانيتهم أسمى الغايات ، وفي إيمانهم أعلى الدرجات .. بل هم قد تجاوزوا حدود العصمة كما سيتضح في شرح قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ..) إن شاء الله تعالى ..
«يَخافُونَ يَوْماً» :
وقد قال تعالى : (يَخافُونَ يَوْماً) ولم يقل : من يوم .. فلماذا؟ وما هو الفرق؟!
والجواب هو : أنك إذا قلت : يخافون من يوم ، فيحتمل أن يكون خوفهم من أعمالهم ، لأجل أن العدل يجري عليهم في ذلك اليوم ..
ويحتمل أيضا : أن يكون نفس اليوم مخيف ، من حيث هو زمان ، وأن العذاب والمصائب ، تكمن في عمق ذاته ، وحقيقة وجوده .. تماما كما يخاف الإنسان من الأسد المفترس ، فإن الشر كامن في ذات الأسد. ولا يفرق الأسد بين أحد من الناس ، مع أن المخيف في ذلك اليوم هو تلك الأمور الهائلة ، التي جعلها الله فيه ، مثل نار جهنم وزفراتها ، وأهوال يوم القيامة ..
وهذا كقولك : أخاف من السلطة ، فإنه قد يكون لأجل أن في السلطة جبارية ، وظلم وتعد ، وقد يكون لأجل أنها تجري العدالة ، وتأخذ الناس بذنوبهم ..
أما نفس اليوم ، ونفس المكان ، من حيث هو زمان ، ومكان ، فليس هو الذي يخيف ، وإنما الذي يخيف هو ما يوجد فيه ، وسيئات أعمالنا ،