بِالْكافِرِينَ) (١) جاء بها بصيغة الإثبات ، ولم يلحظ فيها واقع الزمان ، وأنه في المستقبل ، حيث لم يقل سبحانه : إنها ستحيط .. وكذا الحال بالنسبة لقوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً* وَنَراهُ قَرِيباً) (٢) ، وغير ذلك ..
«شرّه» :
وقد قال تعالى : (كانَ شَرُّهُ ..) فعبّر بالشر ، ولم يقل : عذابه مثلا ، أو مصائبه ، أو نحو ذلك.
ولعل سبب ذلك هو أنه قد يفهم من كلمة «عذاب» خصوص الأذى الذي يتعرض له الجسد .. وقد يفهم من كلمة «مصائب» ما ينال الآخرين ممن لهم تعلق بصاحب المصيبة ، أي أن المصيبة تقع في غيره ، ويتألم هو لأجلهم .. ولا أقل من أن ذلك محتمل في مثل هذه الموارد وهذه الاحتمالات لا ترد في كلمة «شر» ، فهي تجمع بين جميع أنواع المساءات ، الجسدية منها والمعنوية ، والروحية سواء أكانت تقع على الإنسان نفسه ، أم تلحقه بسبب غيره. ولذلك كان اختيار هذه الكلمة متعينا في هذا المورد ..
«وَيَخافُونَ يَوْماً .... فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ» :
وقد يلاحظ هنا : أنه تعالى قد ذكر أنهم يخافون من اليوم ذي الشر ، ولكنه عاد فعبر في الآيات التالية بقوله : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ). فالخوف من اليوم الذي فيه الشر ، لكن الوقاية تعلقت بالشر مباشرة ، فلماذا هذا التنوع في التعبير يا ترى؟!
__________________
(١) سورة التوبة الآية ٤٩.
(٢) سورة المعارج الآيتان ٦ / ٧.