فجاءت الفاء لتربط الحدث الذي هو إخبار عن حصول ، بالحالة التي يعيشها الأبرار ، وبالعمل الذي أنجزوه بصورة مباشرة ، حتى لا يبقى الإنسان في حالة انتظار وتوقع ، فإن سياق إنشاء الكلام ـ بسبب الفرق بين ثم والفاء ، أو بين الفاء وبين أي تعبير آخر ـ يشير إلى الفصل والتراخي ..
و ـ ويرد هنا سؤال هو : أن الآية قد ذكرت : أن الله هو الذي يقي الأبرار من شر ذلك اليوم .. مع أن الآية السابقة قالت : إن اليوم الذي يخافون منه ، إنما هو من قبل الله تعالى .. فكيف يكون اليوم من جهته ، ثم يكون هو الواقي منه؟! أليس الأولى هو : أن يلغي ذلك اليوم من أساسه ، بدلا من أن يوجده ثم يقي منه؟ ..
والجواب : أن وجود هذا اليوم ليس لأجل أن يخاف منه الأبرار ، فإن غير الأبرار أيضا لهم دور في وجود ذلك اليوم ، وسوف ينالهم منه ما يناسب أعمالهم ، ولن يقيهم الله سبحانه شره .. فلا ضير ، ولا محذور ، في أن يكون ذلك اليوم من قبل الله .. وهو الذي يقي منه الأبرار.
ز ـ إن أعمال الأبرار هي التي جعلتهم أهلا للكرامة الإلهية ، وبها تكون لهم الوقاية والرعاية. ولو لا أعمالهم فلا وقاية لهم. فالوقاية سنة إلهية ، والله يجري الأمور بأسبابها ، لكن سببية هذه الأسباب مجعولة من قبله سبحانه ، وإثارة هذه الأسباب وتحريكها إنما يكون بفعلنا نحن ، وقد جعلت النار وخلقت لمعالجة الذنوب ، وخلقت الجنة للثواب على الطاعات .. وقد روي عنهم [عليهمالسلام] : اتقوا النار ولو بشق تمرة ..
الوقاية والتفضل :
ولكن اعتبار الوقاية نتيجة للعمل. وجزاء عليه .. لا يعني عدم وجود أي تفضل إلهي .. بل التفضل قد يكون في نفس مقدار الجزاء ، وذلك