٢ ـ توافق الترتيب البياني مع الواقع الخارجي :
وقد حدثتنا الروايات : عن أن الواقعة التاريخية ، قد حدثت وفق الترتيب الذي أورده القرآن ، فقد جاء المسكين أولا ، ثم اليتيم ، ثم الأسير .. وذلك هو التوفيق والتسديد الإلهي الظاهر .. لكي لا يبقى أي مجال للتفكير في أن ما هو افتراضي ، قد لا يكون منسجما مع حركة الواقع الخارجي ، خصوصا حينما تتوافر الدواعي في الاتجاه المعاكس كما سنبينه ..
كما لا يبقى أيضا مجال للقول : بأن الحديث هنا جار في ما هو مثالي .. وقد لا يتوافق المثالي مع مقتضيات الواقع وشروطه.
بل نقول :
إنه حتى لو لم يكن الترتيب في الآية مطابقا لما حصل بالفعل ، فإن نفس أن يأتي سياقها القرآني على هذا النحو ، ستكون له أهدافه وأغراضه التكريمية ، أو البيانية لمعان يريد الله لنا أن نتلمسها ونعرفها فيهم [عليهمالسلام] .. وقد تكون هذه المعاني الغيبية التي يكشفها الله لنا ، رحمة بنا ، وامتنانا منه تعالى علينا ..
وحيث يأتي البيان على سبيل الإخبار عن طبيعة وسجية وديدن هؤلاء الصفوة ، فإنه لا بد أن يزيد ارتباطنا بهم ، وتعريفنا بحقيقتهم ، ليكونوا لنا الأسوة والقدوة والمثل الأعلى .. فكيف ، وقد تطابق الواقع الخارجي ، مع السجية والطبيعة ، فجاء المسكين ، ثم اليتيم ، ثم الأسير .. ليكون ذلك أدعى في الإقناع ، وأوثق في الدلالة ..
٣ ـ حالتان تصاعديتان تتعاكسان :
وحين نريد أن نبحث الموضوع بعمق ، فسنجد أن هناك حالة