ولمعنى التبعيض إيحاء مرغوب عنه في هذا المقام بالذات ، وهو الإيحاء بدخول النقص على الشراب الذي في الكأس ، بواسطة الشرب ، مع أن الآية بصدد إبعاد هذا الوهم كما قلنا ..
عباد الله ، أم عبيد الله :
وجاء التعبير بكلمة «عباد» لا بكلمة «عبيد» ، لأن العبيد إنما يرتبطون بأسيادهم من موقع مالكية الأسياد لهم ، وسلطتهم ، وسيطرتهم ، وحكومتهم عليهم ، وقد تكون هذه الحكومة غير مرضية من قبل المحكوم ، حيث يشعر بالقهر ، ويرغب من التخلص من ربقة هذه العبودية ، ربما لأنه لا ينسجم مع سيده أو لأنه لا يحبه ، ولا يرضاه في باطنه ، وإن كان ربما يتظاهر بذلك لسبب أو لآخر ..
أما العباد ، فالرابطة بينهم وبين سيدهم هي الطاعة ، والانقياد ، والرغبة ، والمحبة ، والأنس والوله والانسجام ، والاندفاع إلى التقرب من السيد .. عن اختيار ورغبة من العبد ..
فلا فرق بين العباد والعبيد ، من حيث لزوم الالتزام بالطاعة للسيد ، والانقياد له ، ولا في الإقرار بمالكيته وسلطانه.
لكن الفرق هو في جهات أخرى ، تدخل في نطاق دواعي ودوافع هذه الطاعة ، وفي طبيعة العلاقة التي بين العبد وسيده.
ولأجل ذلك نلاحظ : جاء القرآن بكلمة «العبيد» في خمس آيات فقط ، وذلك في سياق كلامه عن الجزاء الذي لا بد أن يأتي من موقع السلطة ، والقاهرية ، والمالكية ..
وأن ذلك الجزاء إنما هو بما قدمت أيديهم ، فهو يقول : (ذلِكَ بِما