ويكون المقصود من هاتين الجملتين هو بيان حالة العين والكأس المشروبة ..
أما لو قال يشرب بها .. فالمقصود بيان حالة الشرب نفسه ، على سبيل إشراب اللفظ لمعنى آخر غير معناه ، ثم يتعدى هذا اللفظ بواسطة حرف جر يناسب هذا المعنى الجديد ..
بيان ذلك :
إنك إذا أشربت كلمة «شرب» معنى الارتواء مثلا ، فيصح تعدية كلمة «شرب» بالباء ، فيقال : شرب بها ، لتصبح دالة على أنه قد وصل إلى حد الارتواء بها .. وأن هذا الارتواء إنما كان بواسطة الشرب ، لا بشيء آخر ..
إذ إن : الشرب قد يتحقق ، ولكن لا يحصل الارتواء ، كما أن الارتواء قد يحصل بغير الشرب.
ويكون المعنى في الآية : عينا يرتوي بها عباد الله.
ويكون المقصود بالباء معنى السببية ، أي يرتوي عباد الله بسبب العين ـ ارتواء ناشئا عن الشرب منها ..
فتضمين وإشراب كلمة «شرب» معنى الارتواء هو الذي أعطانا هذه الخصوصيات.
ولو أنه قال : يرتوي بها .. فقد يتخيل : أن الارتواء قد حصل بغير الشرب.
فقولك : يشرب بها ـ قد مكنك من الاحتفاظ بالمعنيين ، والاستفادة منهما معا ، وهما معنى الشرب ومعنى الارتواء ، في آن واحد ..
وقد اتضح بما ذكرناه : أنه لا يصح أن يقول : يشرب منها ، لأنه لو قال ذلك لدلت كلمة «من» على التبعيض ، مع أن المقصود هو السببية.