الاختبار والاختيار :
ويأتي في الدرجة التالية حالة المواجهة والصراع بين الخصوصيات للأفراد والجماعات ، وهو الأمر الذي تفرضه حاجات الحياة ، وحركتها المستمرة ..
غير أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة صريحة وصحيحة هو : هل أن الابتلاء والاختبار الذي ذكر في هذه الآية المباركة ، يأتي في دائرة اختيار الإنسان؟ أم أنه يحصل خارج دائرة اختيار الإنسان؟! بمعنى أن الاختبار والابتلاء أمر تكويني وتصرف إلهي قاهر للإنسان ، ومفروض عليه تماما كما يختبر الإنسان المعادن ويجري عليها تجاربه ، لكي تأتيه النتائج من خلالها ، من دون أن يكون لتلك المعادن أي دور في القبول أو الرد ..
والجواب :
أن الاختبار إنما هو في دائرة اختيار الإنسان ، ومن خلال رفضه وقبوله وممارسته ، وعلى أساس ذلك ومن خلاله تتكون خصائصه وتتنامى وتتكامل ميزاته .. مما يعني أن الاختلاط والأمشاجية في النطفة ، لا يعني الجبرية ، ولا يسلب الاختيار (١) ، ونقصد بها نطفة الرجل وبويضة
__________________
(١) فإن ما يزعمون أنه أسباب شر في الإنسان ، وهي غرائزه ، وملكاته ، وميوله ، ما هي إلا أسباب الخير له وفيه .. بل هي نعم كبرى عليه ، ومن أهم أسباب حفظ وجوده ، وبناء حياته .. إذا أحسن الاستفادة منها ، ولم يستعملها في غير السبيل الصحيح ..
فإذا أعطاك طبيبك دواء ، وأسأت استعماله ، وجلب لك الضرر ، فذلك ليس ذنب الدواء ، ولا هو ذنب الطبيب ، بل الطبيب ناصح متفضّل ، والدواء نافع ولازم. والمذنب هو من أساء استعماله. ولم يدر لنصائح الطبيب باله ..