«كان» لماذا؟!
قال تعالى : (كانَ شَرُّهُ) فلماذا جاء بلفظ «كان»؟
ولماذا أيضا جاء فعل الكون بصيغة الماضي ، لا المضارع ..
وقد يكون الجواب على السؤال الأول هو : أن الإتيان بلفظ كان ، يهدف إلى التأكيد على تحقق هذا الأمر ، وحصوله .. فلا محل للبداء في هذا القرار الإلهي.
ثم أن يفهمنا أيضا : أن ما يحصل في ذلك اليوم ثابت ومستمر ، فليس هو من الأمور التي تتجدد ، وتحتاج في تجددها إلى تجدد إرادة ، وإلى صدور قرار جديد ، وإلى تسبيب أسباب غير تلك التي كانت.
وبالنسبة للسؤال الثاني نقول : إن الإجابة السالفة الذكر قد تكون كافية فيه ، إذ إن من المفيد جدا إفهام الناس أن هؤلاء الأبرار يرون ذلك الأمر بهذا المستوى من الوضوح واليقين ، وكأنه حاضر لديهم ، أو كأنهم كانوا قد مروا فيه ، وأن ذلك اليوم ، وإن كان شره سيأتي في المستقبل .. لكن لا بدّية إتيانه هي من الثبوت لهم ، بحيث يرون أنه قد تحقق وانته ، كما أن ذلك يعطي انطباعا عن مدى اهتمامهم به ، وعمق شعورهم بالمسؤولية تجاهه. حتى أصبح بإمكانهم الإخبار عنه ..
هذا كله إذا كان الكلام مسوقا لبيان شعورهم بذلك اليوم ، وكيفية ومستوى تعاطيهم معه .. وأما إذا كان إخبارا إلهيا ابتدائيا ، لم يلحظ فيه حال أحد ، فإننا نقول أيضا :
إنه لا معنى للزمان في علم الله سبحانه ، فإن علمه بالمستقبل وحضوره لديه ، هو على حد علمه تعالى بما مضى.
وهذا ما ربما يوضح لنا قوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ