قال تعالى :
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً).
«إنّا» :
ويرد هنا سؤال ، وهو :
لما ذا قال تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ) ولم يقل : «فهديناه». أو «ثم هديناه» ..
وقد يقال في الجواب :
إن سبب ذلك هو أن السميعية والبصيرية تعبير عن درجة عالية من الإدراك ، يستطيع الإنسان من خلالها أن يبصر المعجزات ، ويتفاعل معها ، ويبصر ويسمع كل ما من شأنه أن يفتح باب هداية ، سواء كان ذلك بالتعليم له ، أم بالتدبر والتفكر في خلق الله ، وربط المقدمات بالنتائج ، والوسائل بالغايات والأهداف.
وذلك معناه : أن الهداية المذكورة هنا هي نتيجة تلك السميعية والبصيرية ، التي نشأت عن الابتلاء ، المستند إلى الأمشاجية في النطفة. فالمراد هنا كل ما يوجب الهداية ، من شرع وعقل ، وتفكر ، وتدبر وما إلى ذلك ، ولا ينحصر الأمر بالهداية التشريعية ..
لكن قد يقال : إن ثمة فهما آخر للآيات ، وهو أنه تعالى قد ابتدأ كلامه بصورة الاستئناف في قوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) موازيا لقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ ..) فلعله لكي يشير إلى