فطري صادق ، ينبع من داخل الذات ، بما لها من أصالة ، وما للمزايا والكمالات الإنسانية والأخلاقية من تجذر وعمق.
أما لما ذا عبر باسم الفاعل ، فقال : «شاكرا» ولم يقل شكورا ، ليتجانس مع كلمة «كفورا» .. فلعله ليفيد أمرين :
أحدهما : أن الإنسان لا يمكن أن يكون شكورا ، أي كثير الشكر ، على نحو الحقيقة ، بل هو لا يستطيع إنجاز شكر واحد لله تعالى .. لأن كل شكر يحتاج إلى وسائل لإنجازه ، وهذه الوسائل هي نعم جديدة ، يحتاج أيضا إلى أداء شكر كل واحدة منها ، وما أكثرها.
ثانيهما : أن اسم الفاعل «شاكرا» يشبه الفعل المضارع «يشكر» في إفادة فعلية التلبس بالشكر ..
كما أنه لكونه اسما مجردا عن إفادة التجدد ، فهو يدل على الثبات والدوام ، لهذا الشكر ، وليس فيه دلالة على التصرّم والانقضاء.
كما أنه لم يقل : إما أن يشكر أو يكفر ، لأن ذلك يدل على مجرد صدور الفعل منه ، ولو مرة واحدة ، ولا يفيد أية خصوصية أخرى مع أن المقصود هو بيان ذلك بلحاظ خصوصيته الأخلاقية ، وغيرها مما ألمحنا إليه ..
لما ذا : وَإِمَّا كَفُوراً؟!
وأما السبب في أنه تعالى قد جاء بصيغة المبالغة في قوله : (وَإِمَّا كَفُوراً) فلعله :
أولا : فيما يرتبط بالنعم ، فإن كثرة النعم تتطلب من الكفور كثرة المحاولات لإخفائها ، وكل نعمة لها سترها الخاص بها ..
وفيما يرتبط بالحقائق والاعتقادات ، وسواها ، فإنه أيضا يحتاج إلى كثرة الستر للحقائق .. وتعدد الإنكار للأمور العقائدية وغيرها ..