وهذا لا يتأتى إلا من أبرار قد بلغوا أعلى الدرجات ، في الارتباط بالله ، والمعرفة به سبحانه ..
فقوله تعالى عنهم : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) أي يأتون به وافيا ، وفق المطلوب ، يعتبر غاية في مدح هؤلاء الصفوة ، والثناء عليهم. وبدون هذا الوفاء التام .. فإن ثمة خللا سيحدث في المعادلة .. ولا يعرف كيفيات وحجم هذا الخلل ، إلا الله .. فلعله خلل ونقص في البركات ، أو في الألطاف ، أو في التوفيقات للتقوى ، أو في المشاعر ، أو في الإيمان ، أو في العلاقات الاجتماعية ، أو في الحالة الاقتصادية ، أو في الزرع ، أو في الماشية ، أو غير ذلك. إن ذلك كله لا نعرفه نحن ، ولا يمكن تحديده ، ولا التكهن به.
النذر أيضا سنة إلهية :
ولا بد لنا هنا من تسجيل حقيقة هي : أن الدعاء ، والعهد ، والنذر ، والتوسل بالأنبياء والأولياء ، وغير ذلك .. ـ إن كل ذلك ـ هو من السنن الإلهية التي تؤثر حتى في النواميس الطبيعية ، وفي الماديات .. فمثلا قد تقتضي السنن الطبيعية أن لا يولد للشخص الفلاني ولد ، أو أن لا يكون له مال .. أو أن يمرض ، أو يموت ، ولعل ذلك كان هو الأصلح له ، ولمن يحيط به. والأصلح لنسله ..
ولكنه إذا سعى ، وبذل جهده ، وطلب من الله سبحانه ، أن يتدخل ويبطل تأثير ذلك القانون الطبيعي ، فإن الله يغير في الأمور بحيث يصير الأصلح هو عكس هذا الواقع القائم بالفعل ..
وقد تكون وسيلته التي يقدمها هي نذر بديل أو عديل ، أو توسل بنبي أو وصي .. أو التجاء إلى الانقطاع إلى الله بالدعاء ، أو نحو ذلك ـ