وهذا بالذات هو ما جرى في مناسبة نزول سورة «هل أتى» ..
إذ إن الحسنين [عليهماالسلام] مرضا ، فنذروا : لئن شافاهما الله تعالى ، أن يصوموا لله ثلاثة أيام ، فلما شافاهما الله. صامت السيدة الزهراء [عليهاالسلام] ، وصام معها علي ، والحسنان [عليهمالسلام].
فلما حان وقت الإفطار ، ووضعوا الطعام أتاهم مسكين ، فتصدقوا عليه به. وباتوا بلا طعام.
وحصل لهم في اليوم الثاني مع اليتيم مثل ذلك ..
وهكذا جرى لهم في اليوم الثالث مع الأسير أيضا ..
فصاموا ثلاثة أيام بلياليها ، لا يجدون طعاما سوى الماء ..
فشفاء الحسنين [عليهماالسلام] قد جاء استجابة لنذرهم [عليهمالسلام] فأصبح في عهدتهم له تعالى صوم ثلاثة أيام ، ولا بد لهم من الوفاء بالنذر.
ولأجل هذه المعادلة الواقعية التي نشأت بين الشفاء ، وبين الصوم ..
ولا يصح إحداث أي خلل في هذه المعادلة .. بعد أن أصبح هذا في مقابل ذاك ، وتعادلا ككفتي ميزان في عالم الواقعيات والحقائق ..
وهذه المعادلة الواقعية تحتم الإيفاء لا الوفاء. لأن المهم هو إعطاء ما لزم في الذمة ، إلى حد ، يفي بذلك الشفاء الذي حصل ، حبة في مقابل حبة ومن دون أية نقيصة ، وبخس في الميزان ، لأنهم أخذوا شيئا وتعهدوا بإعطاء مقابله ، فلا بد أن يأتي هذا الصوم الذي هو المقابل وافيا وتاما ، في أعلى درجات الخلوص والإخلاص والسلامة ، والتوجه القربي في كل آناته وجميع حالاته ، وذلك ليوازي في آثاره وفي أهميته شفاء مثل الحسنين [عليهماالسلام].