وهمزة أوفى يقال لها : همزة التعدية ، فهي مثل علم وأعلم ، وكرم وأكرم.
والمراد بالإيفاء هنا الإتمام بحيث يظهر قصد الفاعل إلى ذلك ، وتعمده حصوله ..
أما كلمة يفون ، فتدل على مجرد حصول الوفاء كيفما اتفق ..
فكلمة الإيفاء : تشير إلى الفاعل ، وإلى اختياره وقصده من جهة ..
وتشير من جهة أخرى ، إلى صفة وحالة ما وقع عليه هذا الفعل ، وقد قال يوسف لإخوته : (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) (١). فوجه نظرهم إلى حالة الامتلاء التي يكون عليها الكيل الذي وقع عليه فعل الإيفاء. وذلك ترغيبا لهم في الاستجابة إلى ما طلبه منهم ..
ونظير ذلك كلمة : (تُخْسِرُوا) ، في قوله تعالى : (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) (٢). المأخوذة من أخسر ، لا من خسر ..
وهذا يعطينا : أن ثمة قصدا إلى بيان معنى الوفاء والتمامية الحقيقية الفعلية بأجلى وأقصى مراتبها.
والنذر كما هو معلوم هو أن يجعل الإنسان على عهدته أمرا لشخص آخر أو لجهة أخرى ، بحيث يصبح هذا الشيء ملكا لذلك الآخر ، لا بد من إيصاله إليه في الموقع المحدد ..
وقد يكون سبب الإقدام على هذا التعهد هو دعوة الطرف الآخر إلى إنجاز أمر مّا ، بحيث يكون هذا المنذور في مقابل إنجاز ذلك الأمر.
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٥٩.
(٢) سورة الرحمن الآية ٩.