أشارت إليه الآية المباركة ..
فاذا كانت حاجته إليه ماسة جدا ، فإن بذله للغير يصبح في غاية الصعوبة.
فإذا طلب منه أن يبذله لغيره ، حتى في هذه الحال ، فذلك يعطينا : أن الهدف ليس هو العدل ، بل ما هو أسمى من العدل. ألا وهو بناء إنسانية الإنسان ، وصياغة مشاعره لتكون مشاعر نبيلة وطاهرة. ثم السمو بفكره وبطموحاته ، وفتح الآفاق الرحبة أمامه ، بالإضافة إلى تربية وجدانه ، ورفع مستوى إحساسه النبيل ، وشحنه بالعاطفة الفياضة ، بالخير والعطاء.
لماذا «شكورا»؟! :
ولعلك تسأل لما ذا قال : (وَلا شُكُوراً). ولم يقل : «ولا شكرا» ..
وقد يجاب عن ذلك ، بأن الشكر مصدر يدل على أصل طبيعة الشكر ، التي قد تتجسد بأي فرد كان. أما الشكور فهو مصدر أيضا ، كالدخول والخروج ، فلا فرق بينه وبين الشكر في المعنى.
فنفيه بأي منهما إنما يكون نفيا للطبيعة. ونفي الطبيعة إنما يتحقق بانتفاء جميع أصنافها وأفرادها.
ولعل اختيار هذه الصيغة دون تلك ، من أجل تحقيق التناسب اللفظي بين الآيات ..
ونقول :
إن هذا ، إنما يفرض في صورة ما ، إذا قبلنا ما قاله المفسرون ، من أن كلمة شكور مصدر. وقد جاء على غير قياس ، مثل : قعود.
وأما إذا قلنا : إنها جمع شكر ، مثل : برد ، وبرود ، فهي جمع للمصدر ، الذي هو الشكر. فالمعنى : أننا لا نريد منكم أي نوع من أنواع الشكر ،