في الحالات العادية. فكيف بعد طي يومين من الصيام المتواصل ، واشتداد الحاجة للطعام؟! ..
وحتى لو أراد أن يتخلى ذلك الصائم له عن شيء ، فإنه سيقنع نفسه بأنه لا حاجة لأن يتخلى له عن جميع ما هيأه .. فضلا عن أن يعطيه إياه ساعة الإفطار ، وبعد أن وضع أمامه ، وبعد مضي يومين على الصيام.
وإذا أعطاه شيئا ، فإنما يعطيه طعام نفسه ، ولا يعطيه طعام غيره كزوجته ، وولده .. فكيف إذا كانت السيدة الزهراء [عليهاالسلام] هي الزوجة ، وكان الولدان الوحيدان له طفلين صغيرين ، ثم كانا هما الحسنان بالذات ، في ميزاتهما ، وفي موقعهما من الدين ، ومن الإسلام كله ، وليس لهما على وجه الأرض مثيل ، لا من الأيتام ، ولا من غيرهم. وهما اللذان تتجلى فيهما ميزات الإمامة وخصائصها ، بأجلى وأبه مظاهرها ..
وأبواهما كانا أعرف من كل أحد بهما ، وبقيمة مزاياهما ، وبكرامتهما على الله سبحانه ، فهل يمكن أن يخاطرا بحياتهما ، لمجرد احتمال حاجة يدّعيها يتيم ، ليس هو مثل الحسنين قطعا ، وهي حاجة ـ حتى لو كانت واقعية ـ فليس ثمة ما يدل على أنها تبلغ درجة الإحراج والعسر ..
إذن .. فقد ازدادت المثبطات ، وتوافرت الموانع عن الإعطاء ، سواء فيما يرتبط بالاعتبارات التي تزداد قوة وتنوعا ، في ناحية الباذلين ، أم فيما يرتبط بضعف المشجعات في جانب السائلين ، حيث تضاءلت وانحسرت وضعفت تلك الخصوصيات التي تثير وتحرك.
ولكن وبرغم ذلك كله ، فإن العطاء والبذل ، قد بلغ أيضا أقصى مداه ، حيث أعطوا [عليهمالسلام] في اليوم الثاني أيضا جميع ما يملكون ، وآثروا اليتيم به على أنفسهم مع شدة الحاجة والخصاصة. وبذلك فقد