وهذا الكلام غير صحيح ، ويرد عليه.
أولا : إنّ دليل وجوب الحج لم يؤخذ في موضوعه القدرة الشرعية.
وثانيا : إنّ دليل وجوب الوفاء بالنذر ، أخذ في موضوعه القدرة الشرعيّة.
وثالثا : لو سلّم أنّ دليل وجوب الحج ، قد أخذ في موضوعه القدرة الشرعيّة ، دون النذر ، لكن مجرّد عدم أخذ القدرة الشرعيّة في لسان الدليل ، لا يثبت كون القدرة عقليّة ، كما عرفت ، بل غاية ما ينتج ، هو أن نشك في أنّ ملاك وجوب الوفاء بالنذر ، هل هو مطلق حتى لحال العجز عن الفرد المزاحم ، أو إنّه ثابت في حال القدرة فقط؟.
وحينئذ لا بدّ من الرجوع إلى نكتة سابقة في مثل هذا المورد ، وهي إنّ أحد الدليلين لو كانت القدرة دخيلة فيه جزما ، بينما نحتمل أن تكون هذه القدرة دخيلة في الآخر ، فإنّه يقدّم ما كانت القدرة فيه محتملة الدخول في ملاكه ، على ما جزم بدخولها في ملاكه.
٢ ـ الوجه الثاني : لترجيح دليل وجوب الوفاء بالنذر ، هو أن يقال : بأنّ كلا من الدليلين مشروط بالقدرة الشرعيّة ، ورغم هذا يقدّم دليل وجوب الوفاء بالنذر لأسبقيّته زمانا على دليل وجوب الحج.
وهذا الكلام باطل مبنى وبناء :
أمّا مبنى : فلما عرفت من كونهما غير مشروطين بالقدرة الشرعيّة معا.
وأمّا بناء : فلأنّه لو سلّم بأنّهما مشروطين بالقدرة الشرعيّة ، فالأسبقيّة زمانا عبارة عن الأسبقيّة بلحاظ زمان الواجب والوجوب لا سبق الوجوب فقط بدعوى أنّ القدرة الشرعية المأخوذة في كل منهما تنصرف إلى ذلك.
بل الميزان في التقديم ، السبق بلحاظ زمان الواجب والوجوب كما تقدم تفصيله.