كان عدم كل منهما أخذ شرطا في اتصاف الآخر بالملاك ، وبين الثاني : وهو ما إذا كان ترك الآخر شرطا في وجود الملاك الآخر.
فإنّه في الأول : يقال بتعدد العقاب لتعدّد المعصية ، كما لو تركهما معا ، وفي الثاني : يقال بوحدة العقاب ، لكون إحدى الخسارتين واقعة على كل حال ، ولا يقدر المكلف على دفعها ، وإن كان قادرا على دفع خسارة واحدة لا بعينها ، رغم كونهما من حيث الإنشاء على حد سواء.
وبذلك يتضح بطلان هذا الاعتراض من السيد الخوئي «قده» على المحقق الخراساني «قده» ، إذ إنّ المحقق العظيم هذا ، قد افترض كون التضاد بين الملاكين في الوجود ، لا في أصل اتصاف الواجبين بالملاك.
وعليه ، فإنّ نظرية تصوير المحقق الآخوند «قده» لتفسير الوجوب التخييريّ ، صحيحة في نفسها ، لو لا أنها ليست مطّردة ، بل هي واقفة في إطار ما لو كان الواجبان متضادّين في الملاك وجودا ، لا ذاتا ، وأمّا إذا لم يكن هذا التضاد بينهما بالنحو المذكور ، كما لو كان التضاد ذاتيا بينهما ، حينئذ تكون نظرية المحقق الآخوند «قده» قاصرة عن تصوير الوجوب التخييريّ ، بينما المحقق المذكور ، لم يدّع أكثر من ذلك.
ـ النظرية الثالثة في تفسير الوجوب التخييري ، هي للمحقق الأصفهاني «قده» (١) وحاصلها هو :
إنّ الوجوب التخييري مرجعه إلى وجوبين متعلقين بكلا الفعلين ، ولكن مع إذن المولى وترخيصه في ترك أحدهما على سبيل البدل.
وتوضيحه ، هو : إنّه في نظرية المحقق الآخوند «قده» فرض الملاكان إلزاميّين في كلا الطرفين ، ولكنهما متنافيان ذاتا.
بينما هنا في نظرية الشيخ الأصفهاني «قده» تفرض عدم التنافي بينهما ،
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني : ج ٢ من المجلد الأول صفحة وهامش ٦٨ ـ ٦٩.