عليه ، ويكون هذا الدليل نفسه دالا على وجود ترخيص في ترك أحدهما لا بعينه إلى بدل ، إذ بعد المفروغيّة عن عدم كون الجمع مطلوبا بينهما ، لا يبقى كلام إلّا في كيفية تخريج كون أحدهما مطلوبا لا بعينه إلى بدل ، ثبوتا.
إذن فهذا الاعتراض غير صحيح ، وهو يرجع بروحه إلى الاعتراض الأول.
٤ ـ الاعتراض الرابع ، هو : إنّه إذا بني على وجود واجبين ، فكيف يسقط أحدهما إذا أتى المكلف بالواجب الآخر ،؟ إذ إنّ سقوط الوجوب لا يكون إلّا بالامتثال ، أو العجز الناشئ ولو من العصيان ، أو أن يكون الوجوب مشروطا بشرط لم يتحقّق ، فلو فرضنا أنّ المولى أوجب الصوم والعتق ، فلما ذا يسقط وجوب العتق إذا أتى المكلف بالصوم؟.
وهذا الاعتراض ، لو تمّ ، وفرض أنّ مقصود المحقق الأصفهاني «قده» هو الوجوبين المشروطين ، لكنّه كالاعتراض الأول ، يرجع النظرية إلى أنّها خلاف ظاهر دليل الوجوب التخييريّ.
وقد عرفت جوابه ممّا تقدم ، بل تكاد تكون هذه الاعتراضات ، بل هي كذلك ، تحمل روحا واحدة ، وترجع إلى اعتراض واحد ، مفاده : مخالفة هذه النظرية لظاهر دليل الوجوب التخييري ، الظاهر في وحدة الجعل لا تعدّده ، وحينئذ يكون الجواب ما تقدّم ، وقد عرفته.
٥ ـ الاعتراض الخامس ، هو : إنّ مقتضى هذه النظرية ، أنّ المكلّف لو ترك كلا العدلين ، يلزم أن يعاقب بعقابين ، بينما صاحب النظرية يفرض أنّه سوف يعاقب بعقاب واحد ، لأنّه مرخّص بترك أحد العدلين ، لا على التعين ، وإنّما نقول نحن بتعدّد العقاب ، لأنّ الترخيص الذي لا يلزم منه عقاب ، إنما هو الترخيص بترك أحدهما على نحو البدل ، وهو لم يتحقّق ، كي يعاقب بعقاب واحد ، وإنّما الذي تحقّق في فرض تركهما معا ، هو الترك الجمعيّ ، وهذا لم يكن هو المرخص بتركه ، وفيه يعاقب على تركهما