يقال : إنّه إذا بنينا على مسلك الميرزا «قده» في أنّ الوجوب ليس مجعولا من قبل الشارع ، وإنّما هو مستفاد بحكم العقل المنتزع من طلب الفعل وعدم الترخيص بالتّرك ، فإنّه حينئذ ، يمكن أن تكون نظرية المحقق الأصفهاني «قده» في الواجب التخييريّ نظريّة معقولة ، حيث أنّه يقال : بأنّ المولى إذا طلب فعلين لأجل ملاكين :
فتارة يرخّص في ترك كل واحد منهما ، وهذا معناه استحباب كل منهما.
وأخرى لا يرخص في ترك شيء منهما ، وهذا معناه ، إنّهما واجبان تعينيّان.
وثالثة يطلبهما ويرخّص بترك أحدهما ـ ولو بملاك التسهيل والإرفاق ـ فينتزع العقل عنوان الواجب التخييري.
وأمّا إذا بنينا على أنّ الوجوب مجعول من قبل الشارع ، فهو مدلول للأمر ، أو فرض أنّ المولى قد أنشأ هذا الوجوب بنفسه ، فإنّه حينئذ ، يلزم التهافت بين الوجوبين التعينيّين المطلقين ، إذ لا يعقل جعل وجوبين تعينيّين مطلقين من قبل الشارع مع الترخيص بترك أحدهما ، لأنّه نظير إيجاب شيء والترخيص بتركه ، إذن لا بدّ أن يكون الترخيص هذا شرطا لوجوب كل منهما بما إذا ترك الآخر.
وبهذا نرجع إلى الاشتراط ، في نظريّة المحقق الخراساني «قده» ، فإنّ كون وجوب كل منهما مشروطا بترك الآخر ، هو إنّه في حالة فعل أيّ واحد منهما لا وجوب للآخر.
إذن فهذه النظرية على مسلك الميرزا «قده» صحيحة قائمة بذاتها.
وأمّا إذا كان الوجوب مجعولا من قبل الشارع ، فترجع هذه النظرية إلى نظرية المحقق الخراساني «قده».