وقد يضاف إلى هذا البيان ، بيان آخر ، حيث يقال : إنما يتنافى الحب والبغض فيما إذا فرض تنافيهما في مقام الاقتضاء والتأثير ، كما لو كان بين مقتضاهما تضاد ذاتي لا عرضي كما عرفت ذلك في باب التزاحم ، حينئذ يستحيل اجتماعهما.
فلو فرض عالم آخر غير عالمنا ، حيث يمكن فيه اجتماع النقيضين ، لأمكن تعلق الحب والبغض بشيء واحد ، إذ إنّ البغض ليس نقيضا للحب بذاته ، إذ لا تضاد ذاتي بينهما ، وإنما التضاد والتنافي بينهما إنما هو بلحاظ متعلقهما.
وعلى هذا الأساس نقول : إنّه لا تنافي ولا تعاند ذاتي بين مقتضى الحب الاستقلالي لشيء ، ومقتضى البغض الضمني لذلك الشيء نفسه ، ذلك لأنّ البغض الضمني لا يقتضي أكثر من إعدام المجموع لا الجميع ، وهذا لا يتنافى مع مقتضى الحب الاستقلالي لأحد جزأي المجموع لأنّ إعدام المجموع ، لا يتوقف على إعدام هذا الجزء منه.
وإلى هنا ثبت أنه بحسب عالم الذهن والمعروض بالذات لم يلزم اجتماع الضدّين ، فلا يكون هناك تضاد بين قوله «صل ولا تصلّ في الحمّام» بأي مرتبة من مراتب الحكم ، حتى لو وقعت الصلاة مركزا للمحبوبية الاستقلاليّة ، ومركزا للمبغوضية الضمنية.
وأمّا التنافي بين الأمر والنهي بحسب عالم الخارج والمعروض بالعرض ، فقد يقال أيضا بأنّه : يلزم اجتماع الضدّين ، بدعوى ، أنّ الأحكام إنّما تتعلق بالعناوين الذهنية باعتبار حكايتها ومرآتيتها للخارج ، وحينئذ ، تكون الصلاة في الحمّام موردا للأمر والنّهي ، لأنّ الصلاة في الحمّام هي وجود للمطلق والمقيّد ، إذ إنّ الصلاة موجودة بعين وجودها في الحمّام عند الإتيان بها في الحمّام ، فبما أنها وجود للمطلق تكون متعلقا للأمر ، وبما أنها وجود للمقيد تكون متعلقا للنّهي ، وبهذا يلزم اجتماع المحبوبية