وقد علّق صاحب «الجواهر» عليه ، حيث قال : بأنّ هذا سجن أشدّ من سجن الظالم ، لأنّه سجن ممنوع فيه من الحركة ، بخلاف سجن الظالم.
والوجه في فساد هذا التصوّر هو : إنّ الحركة مع الكون ليست مغايرة للكون ، بل هي عينه ، غايته ، أنّه حال الحركة يكون الكون متحركا ، والكون المتحرك لا يزيد على الكون الساكن ، كما عرفت في وجه فساد التصور الأول. وعليه : فيجوز له الإتيان بالصلاة الاختيارية ، وتقع صحيحة.
٢ ـ الحالة الثانية : هي أن يفرض أنّ المكلّف الذي اضطر للدخول إلى المكان المغصوب ، سوف يمكنه الخروج بعد ساعة ، وقبل خروج وقت الصلاة ، وهو يعلم بذلك ، ففي هذه الحالة هل تجوز له الصلاة داخل الغصب ، وتقع صحيحة ، ليكون ذلك صغرى لتلك الكبرى؟ أو إنّه لا تقع صحيحة؟ وممّا ذكرناه في الحالة الأولى يظهر الحال في هذه الحالة ، وأنّه يجوز له الصلاة في الغصب ، وتقع صلاته صحيحة ، لأنّ هذا الوقت الذي يمكثه في الغصب مضطرا إليه ، فهو غير محرم ، وقد عرفت أنّه ليس في الصلاة تصرف زائد على الغصب المضطر إليه ، ومعه تقع صلاته صحيحة (١).
٣ ـ الحالة الثالثة ، هي : أن يفرض أنّ المكلف الذي أضطر للدخول إلى المكان المغصوب ، تمكن فعلا من الخروج من الغصب.
ففي هذه الحالة ، يجب عليه الخروج فورا ، تخلصا من الغصب ، ولا يجوز له أن يمارس أيّ عمل يمنعه ، أو يؤخّره عن الخروج.
وحينئذ فإن فرض أنّ صلاته الاختيارية لا تعيقه عن الخروج ، ولا تؤخره ، فحينئذ يجوز له الصلاة ، وتصح صلاته ، كما لو خرج في سيارة ، وأمكنه الصلاة فيها صلاة اختيارية.
__________________
(١) كون صلاته تقع صحيحة. في النفس منها شيء لاحتمال عدم شمول رفع الاضطرار مع العلم بارتفاعه وبقاء وقت الصلاة. المقرر.