__________________
ـ بالقول ؛ لأن الفىء بالجماع هو الأصل ، إذ به يندفع الظلم عن الزوجة حقيقة ، والفىء بالقول خلف عنه ، ولا عبرة بالخلف مع القدرة على الأصل ، كالتيمم مع الوضوء. والعجز نوعان : عجز حقيقى وعجز حكمى ، فالعجز الحقيقى : مثل أن يكون أحد الزوجين مريضا مرضا يتعذر معه الجماع ، أو تكون المرأة صغيرة لا يجامع مثلها ، أو تكون رتقاء : وهى التى يكون بها انسداد موضع الجماع من الفرج ، بحيث لا يستطاع جماعها ، أو يكون الزوج مجبوبا : وهو الذى استؤصل منه عضو التناسل ، أو يكون عنّينا : وهو من لا يقدر على الجماع مع وجود عضو التناسل لضعف أو كبر سن أو مرض ، أو يكون أحد الزوجين محبوسا حبسا يحول دون الوصول إلى الجماع ، أو يكون بينهما مسافة لا يقدر على قطعها فى مدة الإيلاء. والعجز الحكمى : هو عند ما يكون المانع عن الجماع شرعيا ، كأن تكون المرأة حائضا عند انقضاء مدة التربص عند الفقهاء الذين يقولون بالفىء بعد انقضاء مدة الإيلاء ، أو يكون الزوج محرما بالحج وقت الإيلاء من زوجته ، وبينه وبين التحلل من الإحرام أربعة أشهر ، وهذا عند الفقهاء الذين يقولون : الفىء لا يكون إلا فى مدة الإيلاء. فإن كان العجز حقيقيا انتقل الفىء من الفعل إلى القول بالاتفاق ، وإن كان العجز حكميا انتقل الفىء من الفعل إلى القول أيضا عند المالكية والحنابلة وفى قول مرجوح للشافعية. ولا ينتقل عند أبى حنيفة وصاحبيه والشافعى. وصرح الشافعية بأنه يطالب بالطلاق. وحجة القائلين بالانتقال : أن العجز الحكمى كالعجز الحقيقى فى أصول الشريعة ، كما فى الخلوة بالزوجة ؛ فإنه يستوى فيها المانع الحقيقى والمانع الشرعى فى المنع من صحة الخلوة ، فكذلك الفىء فى الإيلاء يقوم فيه العجز الحكمى مقام العجز الحقيقى فى صحة الفىء بالقول بدلا من الفىء بالفعل. وحجة القائلين بعدم الانتقال : أن الزوج قادر على الجماع حقيقة ، والامتناع منه إنما جاء بسبب منه ، فلا يسقط حقا واجبا عليه. وأيضا : فإن الزوج هو المتسبب باختياره فيما لزمه بطريق محظور فلا يستحق التخفيف.
الشريطة الثانية : دوام العجز عن الجماع إلى أن تمضى مدة الإيلاء ، فلو كان الزوج عاجزا عن الجماع فى مبدأ الأمر ، ثم قدر عليه فى المدة بطل الفىء بالقول ، وانتقل إلى الفىء بالجماع ، حتى لو ترك الزوجة ولم يقربها إلى أن مضت أربعة أشهر بانت منه عند الحنفية ؛ وذلك لما سبق من أن الفىء باللسان بدل عن الفىء بالجماع ، ومن قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل بطل حكم البدل ، كالمتيمم إذا قدر على الماء قبل أداء الصلاة. وإذا آلى الرجل من زوجته وهو صحيح ، ثم مرض ، فإن مضت عليه مدة وهو صحيح يمكنه الجماع فيها ، فلا يصح فيئه بالقول ؛ لأنه كان قادرا على الجماع مدة الصحة ، فإذا لم يجامع مع القدرة عليه يكون قد فرط فى إيفاء حق زوجته ؛ فلا يعذر بالمرض الحادث. أما إذا لم تكن مضت عليه مدة ـ وهو صحيح يمكنه الجماع فيها ـ فإن فيئه بالقول يكون صحيحا ؛ لأنه إذا لم يقدر على الجماع فى مدة الصحة لقصرها ، لم يكن مفرطا فى ترك الجماع ، فكان معذورا. هذا ما صرح به الحنفية ، وهو ما يفهم من عبارات المذاهب الأخرى.
الشريطة الثالثة : قيام النكاح وقت الفىء بالقول ، وذلك بأن يكون الفىء حال قيام الزوجية ، وقبل حصول الطلاق البائن من الزوج. أما لو آلى الرجل من زوجته ، ثم أوقع عليها طلاقا بائنا ، وفاء بالقول لم يكن ذلك فيئا ، وبقى الإيلاء ؛ لأن الفىء بالقول حال قيام النكاح إنما يرفع الإيلاء فى حق حكم الطلاق ؛ لإيفاء حق الزوجة بهذا الفىء ، والمطلقة بائنا ليس لها الحق فى الجماع ، حتى يكون الرجل مضرا بها بالامتناع من جماعها ، ووقوع الطلاق بالإيلاء كان لهذا السبب ، ولم يوجد ، فلا يقع عليها طلاق بمضى المدة ، لكن يبقى الإيلاء ؛ لأنه لم يوجد ما يرفعه وهو ـ