الرواية من الآحاد ، ولكنه من حيث تواتر الناس للعمل به صار بحيث يوجب علم العمل. فما لم يجز أن يجتمع الأمة على شىء علموا (١) كله من كتاب أو سنة غير ما ورد ، فيكونوا قد اجتمعوا على تضييع كتاب أو سنة ، فكذا هذا ، لا يجوز أن يجتمع الناس على ترك الوصية للوارث ، وثم كتاب نسخه أو سنة أخرى يلزم العمل به ؛ فلهذا قضينا بنسخه. والله أعلم.
وقوله : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
قيل فيه بوجهين :
يحتمل : (فَمَنْ بَدَّلَهُ) هذه الوصاية المكتوبة للوالدين ، إن كان هذا أراد بقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) [البقرة : ١٠٨] الآية ، فإنما إثمه عليه.
ويحتمل : (فَمَنْ بَدَّلَهُ) الوصية (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) من الموصى (فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ).
ثم يحتمل بعد هذا وجهين :
يحتمل : أنه أراد تبديل الوصى بعد موت الموصى.
ويحتمل : تبديل من حضر الوصى ذلك الوقت من الشهود وغيره.
وقوله : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) أى : سميع لمقالته ووصايته. و (عَلِيمٌ) بجوره وظلمه ، أو (عَلِيمٌ) بتبديله. والله أعلم.
وقوله : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
__________________
ـ ٣٠٢ ، ٣٧٣) ، وابن الجارود (٨٩٢) ، وابن حبان (٥٢٥٦ ـ الإحسان) ، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (٤ / ١٩٠) ، والبيهقى (٩ / ٣١٥) كتاب : الضحايا ، باب : ما يحرم من جهة ما لا تأكل العرب ، وأبو نعيم فى الحلية (٤ / ٩٥) ، والبغوى فى شرح السنة (٦ / ٣٢) من طريق أبى بشر ـ والحكم عند بعضهم ـ عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به.
وقد رواه ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أخرجه أبو داود (٢ / ٣٨٣) كتاب : الأطعمة ، باب : النهى عن أكل السباع ، حديث (٣٨٠٥) ، والنسائى (٧ / ٢٠٦) كتاب : الصيد والذبائح ، باب : إباحة أكل لحوم الدجاج حديث (٤٣٤٨) ، وابن ماجه (٢ / ١٠٧٧) كتاب : الصيد ، باب : أكل كل ذى ناب من السباع ، حديث (٣٢٣٤) ، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (٤ / ١٩٠) ، وأحمد (١ / ٣٣٩) ، والبيهقى (٩ / ٣١٥) كتاب : الضحايا ، باب : ما يحرم من جهة ما لا تأكل العرب ، وابن الجارود (٨٩٣) من طريق على بن الحكم عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(١) فى أ ، ط : عملوا.