يظهر عليه من الحجة ما هو أظهر وأعجز له ، وآخذ للقلوب.
والثانى : أراد أن يريه أن هذا مما قدر عليه بغيره ، إذ الذى لم يجعل له القدرة عليه لم يقدر عليه ، ثم لما ثبت عجزه فى أحدهما يظهر عجزه فى الآخر. والله أعلم.
وقيل : بأن هذا من إبراهيم انتقال من حجة إلى حجة ، ليس بانقطاع. وهو جائز.
وقوله : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) ، قيل : انقطع وتحير.
وقوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
ذكر الظالم ؛ لأن الظلم هو وضع الشىء فى غير محله ، حيث هذا اللعين المحاج فى غير موضعه.
وقوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ).
قيل : هو نسق قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ).
وقيل : هو نسق على قوله : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) لأنه بذلك أنكر البعث.
ثم اختلف فى المار على القرية :
قال بعضهم : كافر قال ذلك.
وقال آخرون : لا ، ولكن قال ذلك مسلم.
وقال أكثر أهل التأويل : هو عزير (١).
فإن كان قائل ذلك كافرا فهو على إنكار البعث والإحياء [بعد إماتة](٢). وإن كان مسلما فهو على معرفة كيفية الإحياء ، ليس على الإنكار ، وهو كقول إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة : ٢٦٠]. وليس لنا إلى معرفة قائله حاجة ، إنما الحاجة إلى معرفة ما ذكر فى (٣) الآية. والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها).
قيل (٤) : خالية من سكانها.
وقيل (٥) : (خاوية) ، ساقطة سقوفها على حيطانها ، وحيطانها على سقوفها.
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٨٩١) ، وعن ناجية بن كعب (٥٨٨٣) ، وسليمان بن بريدة (٥٨٨٤) ، وقتادة (٥٨٨٥) ، وغيرهم ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٨٧).
(٢) سقط فى أ ، ب.
(٣) فى أ : من.
(٤) قاله ابن جرير (٣ / ٣٢).
(٥) قاله السدى ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٩١٠) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٨٩).