وقوله تعالى : (أَصابَها وابِلٌ).
والوابل : قد ذكرنا أنه المطر الشديد العظيم القطر.
وقوله تعالى : (فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ) يعنى الحبة أضعفت فى ثمرها فى الحمل ضعفين حين أصابها وابل. كذلك الذى ينفق ماله لله فى غير منة يمن بها يضاعف نفقتها ، كثرت النفقة أو قلت.
وقيل (١) : يضاعف الله للمنفق الأجر مرتين.
وقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ).
والطل ، هو المطر الضعيف.
وقيل (٢) : هو الطش من المطر.
وقيل (٣) : هو الرذاذ من المطر مثل الندى ، لا تزال الحبة خضراء دائما ثمرها ، قل أو كثر.
وقوله : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).
ليس لهذا الخطاب جواب ؛ لأن جوابه أن يقول : يود ، أو لا يود. لكن الخطاب من الله تعالى يخرج على وجوه ثلاثة :
خطاب يفهم مراده وقت قرعه السمع.
وخطاب لا يفهم مراده إلا بعد النظر فيه والتفكر والتدبر ، وهو كقوله : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢] ، وكقوله عزوجل : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر : ٢١] ، و (يَعْقِلُونَ) [الحشر : ١٤].
وخطاب لا يفهم مراده إلا بالسؤال عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو من له علم فى ذلك ؛ كقوله تعالى : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان : ٥٩] ، وكقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل : ٤٣].
فإذا كان ما ذكرنا ، فيحتمل أن ما ترك من الجواب للخطاب إنما ترك للطلب والبحث
__________________
(١) قاله السدى ، أخرجه ابن جرير عنه (٦٠٨٦).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٦٠٨٣) ، وعن الربيع (٦٠٨٥).
(٣) قاله الضحاك ، أخرجه ابن جرير عنه (٦٠٨٤).