الشَّهادَةَ) ، ولا يجد من يشهدهم ، ولا يجد من يشهد له غيرهم. والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) :
فيه دلالة جواز السلم فى الثياب ؛ لأن ما يكال ويوزن لا يقال فيه : «الصغير والكبير» ، ولا يكتب : «صغيرة وكبيرة» ، إنما يقال ذلك فى العددى.
وقوله تعالى : (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) ، يقول : أعدل عند الله ، (وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) ، فى الحجة.
وقوله تعالى : (وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) :
أقرب إلى دفع الظنون والشكوك التى تحملكم على التناكر والتنازع الذى عاقبته الفسخ ؛ ولهذا ما أمر عزوجل بالكتابة فيه والإشهاد ، وذكر كل صغير وكبير ، لئلا يقع بينهم فى العاقبة تنازع وتناكر ، فيحمل ذلك الحاكم على فسخ العقد بينهما. وعلى ذلك نصبوا الأجل فيه شرطا لقطع وقوع التنازع والتناكر الذى حكمه الفسخ فى العاقبة (١). والله أعلم.
وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ ..). الآية :
استثنى عزوجل التجارة الحاضرة بترك الكتابة والإشهاد والرهن وغيره ، وذلك لما ذكرنا آنفا أن الديون والقروض تنسى وتشتبه على الناس ؛ فلذلك أمر بالكتابة فيها ، والإشهاد ، ولا كذلك التجارات الحاضرات ، وعلى ذلك أمر ظاهر بين الناس أنهم يكتبون ويشهدون فى الديون والقروض ، ولم يعلموا ذلك فى التجارات الحاضرات الجاريات فيما بينهم ، لارتفاع ما يخاف وقوعه فى الديون والقروض وخلائها عن ذلك. والله أعلم.
وقوله : (تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) :
يقول : يدا بيد وليس فيها إيجاب القبض على المجلس.
وقوله (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) :
أمر عزوجل بالإشهاد [فى التجارة الحاضرة ، ولم يأمر بالكتابة ، وأمر فى التداين بالكتابة والإشهاد](٢) جميعا ؛ فالأمر بالكتابة لمحافظة الحقوق ومعاهدة كل قليل وكثير فيه ، وأما الأمر بالإشهاد للأدب ، والأمر بالرهن أمر بالوفاء ، والرهن والكتابة والإشهاد كل ذلك يمنع صاحبه عن الإنكار والجحود ، ويذكر عند النسيان والسهو. ذلك كله لقطع التنازع الواقع فيما بينهما فى المتعقب. والله أعلم.
__________________
(١) فى ب : الآخرة.
(٢) ما بين المعقوفين سقط فى أ ، ط.