والمتشابهات (١) : هن المنسوخات غير معمول بهن ، وهو قول ابن عباس [رضي الله عنه](٢).
وقال آخرون : المحكمات : هن ثلاث آيات في [آخر](٣) سورة الأنعام : قوله : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ ..). [الأنعام : ١٥١] إلى قوله : (... تَتَّقُونَ) [الأنعام : ١٥٣] ، وما ذكر في سورة «بنى إسرائيل» من قوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا) [الإسراء : ٢٣] إلى آخر هذه الآيات (٤) ، سميت محكمة ؛ لأن فيها توحيدا وإيمانا بالله وغيره من المتشابه.
ثم قيل بعد هذا بوجوه : قيل : المحكمات : هي التي يعرفها كل أحد إذا نظر فيها ، وتأمّل فيها.
والمتشابه : هو المبهم الذي يعرف عند البحث فيه والطلب (٥).
وقيل : المحكمات : ما يوقف ويفهم مراده.
والمتشابه : هو الذي لا يوقف [عليه] البتة (٦) ، بعد ما قضى حوائج الخلق من البيان في
__________________
ـ ويطلق بمعنى نقل الشيء وتحويله من حالة إلى أخرى مع بقائه في نفسه ، يقال : نسخت الكتاب ، أي : نقلت ما فيه إلى آخر ومنه قوله ـ تعالى ـ : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية : ٢٩].
ومنه المناسخات في علم المواريث لانتقال المال من وارث إلى وارث.
واصطلاحا : النسخ : رفع حكم شرعى بدليل شرعي متأخر عنه لا إلى غاية.
وعرفه الغزالي بقوله : «الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا به مع تراخيه عنه».
وعرفه أبو عمرو بن الحاجب : بأنه رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر.
ينظر : عمدة الحفاظ (٤ / ١٩٤) ، لسان العرب (٦ / ٤٤٠٧) (نسخ) ، المستصفى للإمام الغزالي (١ / ١٠٧) ، ميزان الأصول للسمرقندي (٢ / ٩٧٥) ، البرهان للجويني (٢ / ١٢٩٣) ، البحر المحيط للزركشي (٤ / ٦٣) زوائد الأصول للإسنوي ص (٣٠٨).
(١) المتشابه ـ لغة ـ : أن يشتبه اللفظ بآخر في الظاهر مع اختلاف المعاني كما قال ـ تعالى ـ : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)[البقرة : ٢٥] أي : ثمر الجنة يشبه بعضه بعضا ، فالمنظر واحد ، والطعم مختلف.
ينظر : عمدة الحفاظ (٢ / ٢٨٤).
(٢) كما في تفسير القرطبي (٤ / ٩) ، وما بين المعقوفين سقط من ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه سعيد بن منصور في سننه رقم (٤٩٣) ، والطبري (٦ / ١٧٤) رقم (٦٥٧٣) وابن أبي حاتم (٢ / ٥٣) ، رقم (٨٠) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٨٨) عن ابن عباس. وفي سنده عبد الله بن قيس مجهول كما في التقريب ترجمة (٣٥٦٩).
(٥) قاله الأصم كما في تفسير مفاتيح الغيب (٧ / ١٤٨).
(٦) البتة ، يقال : لا أفعله بتة ، ولا أفعله البتة ، لكل أمر لا رجعة فيه ، ونصبه على المصدر ، لسان العرب (١ / ٢٠٤) (بتت).