وكذلك الإتيان ، والله أعلم.
وقوله : (بَغْياً بَيْنَهُمْ)
قيل : حسدا بينهم (١) ؛ لأنهم طمعوا أن يبعث الرسول صلىاللهعليهوسلم من بنى إسرائيل ، على ما بعث سائر الرسل بعد إسرائيل منهم ، فلما بعث من غير بنى إسرائيل حسدوه ، وخالفوا دينه الإسلام ، ويحتمل «بغيا» : من البغى ، وهو الجور.
وقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ)
أي : من المختلفين
(فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) : كأنه على الإضمار ـ أن قل يا محمد : ومن يكفر بآيات الله من بعد ما جاءهم العلم والبيان ، فإن الله سريع الحساب.
وله ثلاثة أوجه ؛ لأن ظاهر الجواب على غير إضمار أن يكون : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ، أي : العذاب ـ والله أعلم ـ سمى به ؛ لأن بعد الحساب عذاب ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم : «من نوقش الحساب عذّب» (٢) ، فجعل الحساب عذابا.
ثم أخبر ـ [عزوجل] ـ (٣) أنه سريع الحساب ، لا كحساب الذي يكون بين الخلق ؛ لأن الخلق تشغلهم أسباب ، وتمنعهم أشياء يحتاجون إلى التفكر والتدبّر ، والله يتعالى عن أن يشغله شيء أو يمنعه معنى ، جلّ الله عن ذلك.
__________________
ـ موضع بسطها ، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه ، وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا ، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله ، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه ، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير بل الأمر كما قال الأئمة ، منهم : نعيم بن حماد الخزاعي : شيخ البخاري ، قال : من شبه الله بخلقه كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه ، فمن أثبت لله ـ تعالى ـ ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله فقد سلك سبل الهدى».
(١) ينظر : تفسير الرازي (٧ / ١٨٢).
(٢) أخرجه أحمد (٦ / ٤٧ ، ١٠٨ ، ١٢٧) ، والبخاري (١ / ٢٦٦) : كتاب العلم : باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه (١٠٣) ، ومسلم (٤ / ٢٢٠٤) : كتاب الجنة : باب إثبات الحساب ، (٧٩ ـ ٢٨٧٦) ، وأبو داود (٢ / ٢٠١) : كتاب الجنائز : باب عيادة النساء ، (٣٠٩٣) ، والترمذي (٤ / ٢٢٣) : أبواب صفة القيامة ، (٢٤٢٦) من طريق عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة : قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حوسب يوم القيامة عذب» فقلت : أليس قد قال الله ـ عزوجل ـ : (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) [الانشقاق : ٨]. فقال : «ليس ذاك الحساب. إنما ذاك العرض ، من نوقش الحساب يوم القيامة عذّب».
(٣) سقط من ب.