وقيل : على التقريب حسابه سريع ؛ كأن قد جاء لقربه (١) ، والله أعلم.
قوله (٢) : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : هو شهادة ربوبية ، لا يتوهم له كيفية ، ولا يخطر بالبال له المائية ، ولا يحتمل الوصول إلى حقيقة ذلك بالتفكر ، ولا أن يحتمل بلوغ العقل الوقوف على ذلك ؛ إذ هو خلق قصر عن الإحاطة بمائية نفسه ، وعن إدراك وجه قيامه بالذي ركب أو تجديد من حيث نفسه ، وهو تحت جميع ما ذكرت ؛ إذ هو خلق وحدث جرى عليه التدبير ، ودخل تحت التقدير ؛ فالربوبية أحق أن ينحسر عنها الأوهام ، وتكلّ عن توهم إدراكها الأفهام ؛ وعلى ذلك أمر تكوين الله الأشياء ، على ما شهدت الأشياء ، التي هي تحت التكوين في العبارة ، لا على توهم في التكوين معنى تحتمله الأفهام ، أو تبلغه العقول ؛ وإنما هو عبارة بها جعل لا يقف على العبارات عن المتعالي عن صفات الخلق ، المحقق له الجلال عن جهاتهم إلا من حيث المفهوم في الخلق ؛ للتقريب إلى الأفهام دون تحقيق المفهوم ، مما عن العبارة عنه ـ قدرت العبارات في الإخبار عن الله تعالى (٣) ، عن ذلك وعلى هذا القول الله والرحمن وجميع ما يتعارف الخلق من الأسماء على ما يقرب من الأفهام ـ المراد بها لا تحقيق الحروف ، أو إدخال تحت تركيب الكلام وتأليف العبارة ، وهذا معنى معرفة وحدانيته من جهة ضرورات توجب المعرفة ، على الوصف بالسبحانية له عن معاني جميع المعروفين ، وبالله العصمة والمعونة.
ثم قد يحتمل أن يؤذن في العبارة عن ذلك بما هو ألطف وأدفع للتوهم : توهم ما لعل للقلب عند ذكر الشهادة فضل حيرة ، ليس عند تلك العبارة ، وذلك يخرج على وجوه في الاحتمال ؛ لما يسعه عقولنا دون القطع على شيء مما وقع عندنا يمكن الرجوع إليه ، والله ـ [سبحانه] ـ (٤) أعلم من ذلك بشهادة الخلائق كلهم : ما فيها من آثار الصنعة ، ودلالة الربوبية ، وشهادة الألوهية ؛ لتكون شهادة بالذي ذكر : [بأن](٥) لا إله إلا هو ؛ إذ في كل شيء سواه هذه الشهادة بالصفة التي جعلها هو فيه له ، والله أعلم.
والثاني : أن يكون بذاته متعاليا عن جميع معاني من سواه من المعاني ، التي أدخلتها
__________________
(١) قال نحوه ابن الأنباري. ينظر : الزاهر (١ / ٩٧ ـ ٩٨) ، والبحر لأبي حيان (٢ / ١٠٦) ، والوسيط للواحدي (١ / ٣٠٨).
(٢) زاد في ب : عزوجل.
(٣) في ب : سبحانه.
(٤) سقط من ب.
(٥) سقط من ب.